ثبتوه على عمود.. قصة عالم قتلوه حرقا فوق كتبه

خلال القرون الماضية، لم تتردد الكنيسة في إعدام عدد كبير من الأشخاص حرقاً عقب توجيه تهم لهم بالهرطقة والتجديف وممارسة السحر الأسود. فإضافة لعملية مطاردة الساحرات التي أسفرت عن سقوط عشرات آلاف الضحايا بأوروبا والراهب التشيكي يان هوس (Jan Hus) والفيلسوف الإيطالي جوردانو برونو (Giordano Bruno) اللذين أعدما على يد رجال الدين بطرق فظيعة، يذكر التاريخ اسم العالم الإسباني ميغيل سيرفيت (Miguel Servet) الذي أحرق أمام الجميع منتصف القرن السادس عشر عقب محاكمة غريبة.

توجهات دينية جديدة ومراسلات

ويعد ميغيل سيرفيت، المولود عام 1511، واحدا من أهم علماء عصره حيث تخصص الأخير في مجالات عديدة تراوحت بين الجغرافيا ورسم الخرائط والطب واللاهوت كما اتجه أيضا للإطلاع على علوم أخرى كعلوم الرياضيات وعلم الفلك.

وعقب قراءته للعديد من الكتب الدينية، اتجه ميغيل سيرفيت للحديث عن تمركز الروح البشرية بالدم. وانطلاقا من ذلك، أجرى الأخير أبحاثا تمكن بفضلها من اكتشاف الدورة الدموية الصغرى، قبل قرن من الإنجازات العلمية للإنجليزي وليام هارفي (William Harvey)، ليصبح بذلك أول أوروبي يكتشف ذلك.

في عام 1536، عمل ميغيل سيرفيت طبيبا لدى أسقف فيينا وعمد لإخفاء آرائه وتوجهاته الدينية. وفي الآن نفسه، راسل سيرفيت سرّا المصلح الديني وعالم اللاهوت الفرنسي بجنيف جان كالفين (Jean Calvin) أملا في إقناعه بصحة آرائه الدينية.

إعدام رفقة الكتب

عام 1553، حاول ميغيل سيرفيت نشر كتاب يحمل بعض من أفكاره عن قواعد المسيحية. وبسبب ذلك، اتهم الأخير بالتنكر للكنيسة وإنكار رسالة وقداسة المسيح. بالتزامن مع ذلك، لجأ المصلح الديني جان كالفين لنشر عدد من رسائله مع سيرفيت ليجد بذلك الأخير نفسه قابعا بالسجن بين يدي مسؤولي محاكم التفتيش.

مع خروجه من السجن ونجاته من حكم الإعدام، خاف سيرفيت على حياته في حال إلقاء القبض عليه ثانية. وأمام هذا الوضع، ارتكب هذا العالم خطأ جسيما حيث فرّ الأخير نحو جنيف أملا في الحصول على دعم معارضي كالفين.

مع حلوله بجنيف، اعتقل ميغيل سيرفيت وأرسل نحو السجن عقب اتهامه بالهرطقة والتجديف. وعلى مدار شهرين، عذّب سيرفيت واقتيد للمحاكمة للإدلاء بأقواله ليصدر في حقّه لاحقا، عقب محاكمة أثارت جدلا واسعا بجنيف، حكم بالإعدام حرقا. وقبيل تأييد الحكم وتنفيذه، لجأ مجلس جنيف لاستشارة عدد من المدن السويسرية حول الحكم على سيرفيت.

يوم 27 أكتوبر 1553، اقتيد ميغيل سيرفيت لمكان قرب أحد أبواب مدينة جنيف. وهنالك، ثبّت الأخير بعمود ووضعت تحته العديد من كتبه. لاحقا، عمد المسؤولون لإشعال النيران ليحترق بذلك سيرفيت رفقة كتبه ويفارق الحياة عن عمر يناهز 42 عاما.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: