جنود فرنسيون علقوا بعرض البحر وأكلوا الجثث للنجاة

عقب رحيل نابليون بونابرت وتوقيع معاهدة باريس يوم 20 نوفمبر 1815، استعادت فرنسا مستعمرتها بالسنغال بعد أن فقدتها منذ العام 1809 لصالح البريطانيين. وبالتزامن مع ذلك، كلّف الملك لويس الثامن عشر، الذي اعتلى العرش عقب رحيل بونابرت، الكابتن هوغو دوروي دي شوماريس بقيادة حملة ضمت مئات الجنود لبسط نفوذ فرنسا مجددا على هذه المستعمرة.

ويوم 27 أبريل 1816، غادر الكابتن هوغس دوروي دي شوماريس (Hugues Duroy de Chaumareys)، الذي افتقر للخبرة العسكرية، منطقة بوردو (Bordeaux) على متن سفينة لاميدوز (La Méduse) التي رافقتها سفن أخرى حملت على متنها ما يزيد عن 400 عسكري فرنسي.

غرق لاميدوز

مع اقترابه من خليج حوض أرغين بموريتانيا حاليا، لجأ الكابتن هوغس لفكرة سيئة حاول من خلالها اختصار المسافة عن طريق عبور منطقة مليئة بالمياه الضحلة. وبسبب ذلك، وجدت سفينة لاميدوز نفسها عالقة في الرمال على بعد أكثر من 60 كلم عن السواحل الأفريقية. وبادئ الأمر، حاول البحارة تخليص سفينتهم عن طريق تقليل حمولتها فعمدوا لإلقاء كميات كبيرة من الأمتعة بالبحر.

ومع فشل هذه المحاولة الأولى، أمر الكابتن هوغس بإخلاء السفينة. ونزولا عند رغبة الكابتن، ركب البحارة قوارب النجاة. وبسبب عددهم الكبير، أجبر 152 منهم على التزاحم فوق طوافة خشبية كبيرة صنعت على عجل عن طريق ربط قطع اللوح ببعضها.

وللوهلة الأولى، سحبت قوارب النجاة هذه الطوافة الخشبية معها باستخدام الحبال. لكن مع ملاحظته لبداية تفكك ألواحها وتذمر ركّابها، أمر الكابتن هوغو بالتخلي عن الطوافة الخشبية وركابها، المقدر عددهم بنحو 152 راكبا، بعرض البحر ومواصلة الطريق نحو السنغال. إلى ذلك، لقي قرار الكابتن تأييد البحارة الذين تواجدوا على قوارب النجاة حيث أكد هؤلاء على ضرورة الابتعاد عن الطوافة الخشبية وتجنب الاحتكاك بزملائهم الغاضبين على متنها خوفا من أعمال عنف وحركة تمردية قد تودي بحياتهم.

137 وفاة وحكم مخفف على المسؤول

في الأثناء، وجد البحارة الفرنسيون، الذين تركوا على متن الطوافة الخشبية، أنفسهم تحت أشعة الشمس الحارقة بعرض البحر مع كميات قليلة من الغذاء وخمسة براميل مليئة بالخمر. وطيلة الأيام التالية، عمد كثير منهم للانتحار أملا في إنهاء معاناتهم كما غرق البعض الآخر بالبحر بسبب وقوعهم من على متن الطوافة وعدم إتقانهم للسباحة ورفض رفاقهم إنقاذهم. ومع تراجع كميات الطعام، لم يتردد الناجون في تقطيع جثث الموتى وأكلها أملا في الحفاظ على حياتهم.

بعد نحو أسبوعين بالبحر، شاهد هؤلاء البحارة الفرنسيون سفينة، رفعت العلم الفرنسي، بالمنطقة. لكن ولسوء حظهم، اتجهت هذه السفينة نحو حطام لاميدوز لاستعادة عدد من الوثائق الهامة وكميات الذهب والفضة التي وجدت على متنها.

وخلال الساعات التالية، تنفس ما تبقى من البحارة الفرنسيين الصعداء حيث حلت بالقرب منهم سفينة أخرى تكفلت بإنقاذ 15 منهم فقط ممن تمكنوا من الصمود بعرض البحر طيلة هذه المدة.

وبالأشهر التالية، أثارت شهادات الناجين حول وفاة 137 بحارا بعرض البحر بسبب تخلي زملائهم عنهم، ولجوء البعض منهم للانتحار وأكل لحم رفاقهم، حالة من الغضب بفرنسا. وبالتزامن مع ذلك، تعالت الأصوات المطالبة بمعاقبة المسؤولين عن هذه الفضيحة التي أسفرت عن خراب فرقاطة لاميدوز وموت النسبة الأكبر من طاقمها.

لاحقا، مثل الكابتن هوغس دوروي دي شوماريس أمام المحكمة العسكرية التي جرّدته من رتبته العسكرية ومنصبه بالبحرية. ومع نجاته من الإعدام، نال الأخير حكما مخففا بالسجن مدة 3 سنوات.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: