عدم المساواة في الأجور، بين الرجال والنساء، يعتبر ظاهرة عالمية، بحسب بيانات الأمم المتحدة التي تسعى منذ أكثر من سبعين عاماً، لسد تلك الفجوة التي تتسع في أكثر من منطقة من العالم، بسبب ظروف تحدّ من تمكين المرأة لتقاضي أجر يساوي أجر الرجل.
فقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ الثامن عشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر، من عام 2019، إعلان يوم 19 من شهر أيلول/ سبتمبر، من كل عام، يوماً عالمياً للمساواة في الأجر.
ونصّ قرار الجمعية العامة على أن يقام أول احتفال بيوم المساواة في الأجر، في عام 2020 الجاري، والذي يصادف وقوعه، اليوم الجمعة.
ويستهدف الاحتفال بالمساواة في الأجر، النساء بصفة خاصة، من أجل المساهمة بتحصيلهن أجورا تساوي الأجور التي يتقاضاها الرجال، في عمل متساوي القيمة، بحسب ما ينص عليه، تعريف المساواة في الأجر الذي عرّفته منظمة العمل الدولية، في اتفاقية مساواة العمال والعاملات في الأجر عن عمل متساوي القيمة، بتاريخ 6 حزيران/ يونيو عام 1951.
فجوة تتسع بعد 70 عاماً
وعلى الرغم من مرور سبعين عاماً على اتفاقية منظمة العمل الدولية الخاصة بتمكين النساء من تحصيل أجور تساوي الأجور التي يتقاضاها الرجال، إلا أن الفجوة اتسعت بين الجنسين في هذا المجال، بحسب آخر إحصاء للأمم المتحدة، صدر بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمساواة في الأجر، ورد فيه أن الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء، تقدر بـ 23% على مستوى العالم.
ويعود عدم المساواة في الأجور، بين الرجال والنساء، إلى أسباب مختلفة، منها ما تسميها الأمم المتحدة بـ"علاقات القوة" التاريخية وغير المتكافئة بين الجنسين، كذلك يترك الفقر أثره المباشر على توسيع الفجوة بين الرجال والنساء، مما أدى إلى بطء واضح في سد تلك الفجوة، عالمياً، خاصة في ظل تفشي الفيروس المستجد كورونا، والذي عمّق أوجه عدم المساواة، في جميع المجالات، بحسب بيانات أممية.
النساء أكثر تضرراً من كورونا
بدورها، أكدت الأمم المتحدة، على موقعها الرسمي، أن النساء هنّ الأكثر تضرراً من تفشي الفيروس المستجد كورونا، بسبب قيامهن بأعمال في بيئات غير آمنة، حيث يعمل 60% من النساء، في ما تصفه الأمم المتحدة بالاقتصاد غير الرسمي، والذي توسع في الشهور الأخيرة، بعد تفشي كورونا، فازداد عمل رعاية النساء غير مدفوع الأجر، بشكل كبير بسبب إغلاق المدارس وحاجة كبار السن لرعاية مكثفة، خاصة للوقاية من الفيروس المستجد.
وبمناسبة اليوم العالمي للمساواة في الأجور، والذي يقام للمرة الأولى هذا العام، يحيي ما يعرف بالتحالف الدولي للمساواة في الأجور، المعروف اختصاراً بـ EPIC والذي يضم من بين أعضائه، منظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، احتفالاً افتراضياً، وحسب، بسبب تداعيات تفشي كورونا.
وأعرب مجلس حقوق الإنسان الأممي، في جلسته المنعقدة بتاريخ 24 حزيران يونيو عام 2019، عن قلق بالغ بسبب توسع ظاهرة عدم المساواة في الأجور، بين الرجال والنساء، على مستوى دول العالم كافة، مقراً ببطء التقدم التي تم إحرازه لسدّ تلك الفجوة في الأجور، بين الجنسين، والتي يعتبرها، وجهاً من وجوه التمييز ضد النساء.
77 سنتاً للمرأة مقابل دولار للرجل
وتشير المعلومات الأممية المستمدة من إحصاءات دورية، في مختلف دول العالم، إلى أن تفاوت الأجور بين الرجال والنساء، والذي تحول إلى ظاهرة مقلقة بالنسبة للهيئات الدولية ذات الصلة المباشرة، كمنظمة العمل الدولية، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أدى لحرمان النساء من فرص العمل اللائق بهنّ، وحرمانهن من الوصول إلى الموارد والحدّ، بالتالي، من قدراتهن، في شكل متواصل، مما يترك أثره الجوهري في سوق العمل ويؤدي إلى اختلال في التوازن الاجتماعي والتأثير السلبي الظاهر على دورة الاقتصاد ومختلف نواحي الحياة.
فيما قدّرت الأمم المتحدة، أن المرأة تكسب 77 سنتاً، فقط، مقابل كل دولار يكسبه الرجل، في عمل متساوي القيمة، الأمر الذي يعزز النسبة العالمية التي أشارت إلى أن نسبة الفجوة في الأجور، بين الجنسين، وصلت إلى 23 بالمئة، حيث تحرم المرأة في الإحصائية السالفة، من 23 سنتاً، مقابل دولار كامل يكسبه الرجل.
توصيات أممية للقضاء على الظاهرة
أمّا بالنسبة لمجمل الأعمال التي تؤديها المرأة، عالمياً، ولا تتلقى عليها أجراً، فأكدت إحصائيات الأمم المتحدة، أن الفجوة تتسع في هذا السياق بين الجنسين، ضد النساء، أيضاً، حيث تقوم النساء بأعمال داخل المنازل لتقديم خدمات الرعاية، وبدون أجر، أكثر بمرتين ونصف، مقارنة بالرجال.
إلى ذلك، توصي الجهات الأممية ذات الصلة، ومن أجل إنهاء ظاهرة عدم التساوي في الأجور، بين الجنسين، باعتباره ظاهرة عالمية ناتجة من استغلال مظاهر التمييز الجنسي، بسن قوانين واتخاذ تدابير تدعم الأجر المتساوي بين الرجل والمرأة، عبر تعزيز "سياسات مساواة" تقوم على "التفاوض الاجتماعي" وحملات التوعية، وكذلك وضع تشريعات تدعم الأمهات المرضعات العاملات، دون تعرضهن لتخفيضات في أجورهن، وكذلك القضاء على التمييز المهني وأوجه التفاوت بين الرجال والنساء وتشجيع القطاع الخاص ليتمكن من القضاء على ظاهرة عدم المساواة في الأجور بين الجنسين.