عقب قضائه لأكثر من 10 سنوات في التنقل بين مدن اعتمدت كعواصم مؤقتة كفيلادلفيا ونيويورك، انتقل الكونغرس الأميركي عام 1800 بشكل رسمي للعاصمة واشنطن. وبالتزامن مع ذلك، تركزت يوم 24 أبريل 1800 مكتبة الكونغرس التي ساند الرئيس الأميركي جون أدامز (John Adams) قرار إنشائها ووافق على دعم قانون يسمح بتوفير مبلغ مالي قدره 5 آلاف دولار لاقتناء كتب ومجلدات قيل إنها ضرورية لتسهيل عمل أعضاء الكونغرس.
وأثناء فترة تواجدهم بكل من نيويورك وفيلادلفيا، تمكن أعضاء الكونغرس من بلوغ عدد هائم من الكتب القيمة بمكتبة جمعية نيويورك ومؤسسة مكتبة فيلادلفيا. وخلال أغلب فترات القرن التاسع عشر، احتضن مبنى الكابيتول هذه المكتبة التي أصبحت اليوم واحدة من أكبر المكاتب بالعالم بفضل احتوائها على عدد هائل من الكتب والمراجع والخرائط النادرة.
نقل محتويات مكتبة جيفرسون لمكتبة الكونغرس
وقد حلت أولى الكتب الهامة بمكتبة الكونغرس عام 1801 قادمة من لندن. وبحلول أبريل 1802، احتوت هذه المكتبة على 964 مجلد وتسعة خرائط. إلى ذلك، لم يصمد هذا المخزون الثقافي لمكتبة الكونجرس طويلا. فعام 1812، أقدم البريطانيون، في خضم الحرب البريطانية الأميركية المعروفة أيضا بحرب 1812، على إضرام النار بهذه المكتبة متسببين في إتلاف ما لا يقل عن 3 آلاف مجلد.
مع فقدان هذا الكم الهائل من المجلدات، حاول الرئيس الأميركي السابق توماس جيفرسون، الذي سعى لتوسيع مكتبة الكونغرس خلال ولايتيه الرئاستين، إعادة تهيئة المكتبة عن طريق تعويض الكتب التي أتلفت على يد البريطانيين. ولهذا السبب، أقدم توماس جيفرسون على بيع محتويات مكتبته الشخصية، المصنفة كإحدى أهم المكاتب من حيث الكتب والمجلدات بالولايات المتحدة الأميركية، لصالح مكتبة الكونغرس. وبفضل ذلك، حصلت المكتبة على ما يقارب 6487 مجلد من المجلدات الشخصية لجيفرسون كما اختير المحامي والمختص في شؤون المكتبات جورج واترسون (George Watterston) لإدارة شؤون مكتبة الكونغرس.
إتلاف ثلثي محتويات المكتبة
يوم 24 ديسمبر 1851، اندلع حريق هائل بمكتبة الكونجرس صنّف من قبل المؤرخين كأسوأ حريق بتاريخها. وخلال فترة وجيزة، التهمت ألسنة اللهب نحو 35 ألف كتاب متسببة بذلك في إتلاف ما يعادل ثلثي الكتب الموجودة بالمكتبة وثلثي المجلدات التي اقتنيت سابقا من مكتبة توماس جيفرسون.
وأملا في تعويض هذه الخسائر، خصص الكونغرس عام 1852 مبلغا تجاوزت قيمته 168 ألف دولار، أي ما يعادل أكثر من 5 مليارات دولار في الفترة الحالية، لاقتناء كتب جديدة وتهيئة المكتبة. على حسب مسؤولي مكتبة الكونغرس حينها، تمكنت المكتبة من تعويض معظم كتبها التي أحرقت وفشلت في المقابل في العثور على نسح لنحو 300 منها.
وقد جسد حريق عام 1851 بداية فترة المحافظين بمكتبة الكونغرس تحت إدارة جون سيلفا ميهان (John Silva Meehan) وزميله جيمس بيرس (James A. Pearce). فعقب الحريق، اتجه الرجلان للحد من نشاط المكتبة وتأثيرها حيث آمن الرجلان بضرورة حصول مكتبة الكونغرس على دور محدود بالساحة الوطنية. بحلول العام 1859، نقل الكونغرس مسؤولية أنشطة توزيع الوثائق العامة لوزارة الداخلية بينما أوكلت مهمة الإعتناء ببرنامج تبادل الكتب الدولي لوزارة الخارجية.