يوم 1 تشرين الأول/أكتوبر 1949، أعلن الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ (Mao Zedong) عن قيام جمهورية الصين الشعبية عقب انتصارات حققتها قواته ضد القوميين بقيادة شيانغ كاي شيك (Chiang Kai-shek) الذي فضّل بحلول كانون الأول/ديسمبر من نفس السنة الانسحاب نحو جزيرة تايوان رفقة حوالي مليوني فرد من جنوده.
وخلال فترة تزعّمه للبلاد التي استمرت لحين وفاته يوم 9 أيلول/سبتمبر 1976، حكم ماو تسي تونغ بقبضة من حديد وتسبب في مقتل أكثر من 60 مليون شخص توفي جلّهم إما بسبب المجاعة أو رميا بالرصاص أو داخل معسكرات العمل القسري المعروفة بلاوغاي (Laogai).
وعلى الرغم من تأثيره الكبير بالسياسة العالمية وإسهامه في ظهور الفكر الماوي ونحت جانب هام من الصورة الحديثة لجمهورية الصين الشعبية، عجّت الحياة الشخصية لماو تسي تونغ بالأحداث التراجيدية. فطيلة فترة حياته، تزوّج 4 مرات، انتهت الثلاثة الأولى منها بشكل مأساوي. وقبل زوجته يانغ كايهوي (Yáng Kāihuì) التي أعدمت على يد القوميين عام 1930، تزوج ماو من قريبته لويو ييشو (Luo Yixiu) التي توفيت بعد عامين فقط.
تزويج بالإكراه
إلى ذلك، ولدت لويو ييشو يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر 1889 بمنطقة شاوشان (Shaoshan) ومثلت أكبر بنات الفلاح المثقف، والمعروف بالمنطقة، لويو هيلو (Luo Helou) وزوجته التي كانت من أقرباء عائلة ماو تسي تونغ المولود يوم 26 كانون الأول/ديسمبر 1893 بنفس المنطقة.
وعقب اتفاق بين الفلاح وتاجر الحبوب ماو يشانغ (Mao Yichang)، والد ماو تسي تونغ، ولويو هيلو، اتجه الرجلان عام 1908 لتزويج ماو تسي تونغ، البالغ من العمر حينها 14 عاما، من لويو ييشو التي كانت تكبره بأربع سنوات. وفي الأثناء، أثار هذا القرار غضب الزعيم المستقبلي لجمهورية الصين الشعبي. فبدلا من لويو ييشو، أراد ماو تسي تونغ الزواج من قريبته الأخرى وانغ شيغو (Wang Shigu). لكن بسبب حديث منجّم محلي عن عدم توافق برجيهما، رفضت عائلتا ماو تسي تونغ ووانغ شيغو هذا الزواج واستحسنوا في المقابل زواج الأخير من لويو ييشو.
إلى ذلك، عبّر ماو تسي تونغ عن معارضته للأمر على طريقته ورفض لقاء لويو ييشو لحين حلول يوم زفافه.
هروب من المنزل
عقب زفافه، عبّر ماو تسي تونغ عن رفضه زوجته لويو ييشو وتجنب النوم في نفس الغرفة معها بمنزل عائلته متهما إياها بتعطيل مسيرته الدراسية.
وبعد مضي أسابيع عن الزواج، فرّ ماو تسي تونغ من منزل والديه وانتقل للعيش بمنزل صديق له عاطل عن العمل. وبمنزل صديقه، قضى ماو تسي تونغ وقتا طويلا في مطالعة الكتب، فقرأ كتاب سجلات المؤرخ الكبير للكاتب والمؤرخ سيما شيان (Sima Qian) كما طالع أيضا كتاب هان للمؤرخ والسياسي بان غو (Ban Gu).
وفي الأثناء، تسبب هروب ماو تسي تونغ من منزله في فضيحة هزّت منطقة شاوشان وجلبت الخزي والعار لزوجته لويو ييشو التي وصفها البعض حينها بعشيقة والد ماو تسي تونغ. وقد اضطرت هذه الفتاة طيلة الأشهر التالية للبقاء بمنزل عائلة ماو تسي تونغ وعدم مغادرته لتجنّب نظرة الناس إليها.
بعد مضي حوالي 3 أشهر عن عيد ميلادها العشرين، فارقت لويو ييشو الحياة يوم 11 شباط/فبراير 1910 بسبب تبعات مرض الزحار (إسهال دموي حاد). وعلى إثر ذلك، عاد ماو تسي تونغ لمنزل والديه مجددا ليحصل على عفو من والده الذي وافق على منحه دعما ماديا لمواصلة دراسته.
وخلال الثلاثينيات، سأل صحافي أميركي ماو تسي تونغ عن لويو ييشو، ليجيبه الأخير بشكل ساخر مؤكدا أنه لم يكن يعتبرها زوجته.