في القرن الماضي، شهد العالم في خضم الحرب الباردة ظهور حلفين وضعا المعسكرين الشرقي والغربي وجها لوجه. في يوم 4 نيسان/أبريل 1949، ظهر حلف شمال الأطلسي، المعروف أكثر بحلف الناتو، الذي ضم في صفوفه الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها الغربيين. وبعدها بحوالي 6 سنوات فقط، أعلن رسميا يوم 14 أيار/مايو 1955 عن نشأة حلف وارسو الذي تكون من الاتحاد السوفيتي وحلفائه بالمعسكر الشرقي.
إلى ذلك، شهد نفس العام ظهور حلف آخر بالشرق الأوسط لمواجهة النفوذ السوفيتي بالمنطقة. ومع ظهوره، ضم هذا الحلف، الملقب بحلف بغداد، عددا من الدول الإسلامية الرافضة لتزايد النفوذ السوفيتي بالشرق الأوسط.
ظهور الحلف
إلى ذلك، سجل حلف بغداد، الملقب أيضا بمنظمة المعاهدة المركزية، ظهوره يوم 24 شباط/فبراير 1955 عقب إبرام كل من العراق، أثناء فترة الملك فيصل الثاني، وتركيا، برئاسة جلال بايار، لمعاهدة أمنية تنص على تعاون الدولتين بمجال الأمن والدفاع. من ناحية أخرى، ترك العراقيون والأتراك الباب مفتوحا للدول الراغبة في الالتحاق بهذا الحلف الذي اتجه أساسا لاحتواء تزايد النفوذ السوفيتي بالمنطقة.
وخلال الفترة التالية، التحقت كل من بريطانيا، خلال شهر نيسان/أبريل 1955، وباكستان، بداية من أيلول/سبتمبر 1955، وإيران أثناء فترة الشاه محمد رضا بهلوي، بداية من تشرين الثاني/نوفمبر 1955، بهذا الحلف الذي اختلف عن الناتو وتميّز بعدم امتلاكه لقيادة عسكرية مشتركة.
من ناحية أخرى، دعمت الولايات المتحدة الأميركية فكرة ظهور هذا الحلف واتجهت لتقديم معونات عسكرية واقتصادية للدول الأعضاء بحلف بغداد دون أن تشارك فيه. وبادئ الأمر، اتخذ هذا الحلف من العاصمة العراقية بغداد مقرا له قبل أن يتراجع عن ذلك وينقل مقره نحو أنقرة خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 1958.
انهيار حلف بغداد
ومنذ السنوات الأولى التي تلت ظهوره، عانى حلف بغداد من أزمات عجلت بانهياره. في يوم 14 تموز/يوليو 1958، شهد العراق انقلابا، قاده الجنرال عبد الكريم قاسم، أطاح بالملك فيصل الثاني والعائلة الحاكمة. وتزامنا مع ذلك، اتجه النظام العراقي الجديد، بقيادة عبد الكريم قاسم، لكسر سياسة التعامل مع الغرب وعمد خلال شهر آذار/مارس 1959 لسحب عضوية العراق بحلف بغداد.
وخلال عامي 1965 و1971، سعت باكستان للحصول على دعم الحلف خلال حربها مع الهند. وعلى الرغم من تلقيهم لدعم عسكري محدود من الأميركيين في البداية، فقد الباكستانيون الدعم الخارجي تزامنا مع صدور قرار أممي بوقف جميع إمدادات السلاح لكل من الهند وباكستان. وفي الأثناء، عبّر أعضاء الحلف عن رفضهم القاطع لدعم باكستان بحربها مؤكدين أن حلف بغداد قد نشأ لمجابهة الاتحاد السوفيتي.
وعام 1974، أصدرت بريطانيا قرارا بسحب قواتها ووقف دعمها للحلف احتجاجا على الغزو التركي لقبرص الذي أسفر عن احتلال الأتراك لأجزاء هامة من هذه الجزيرة.
بحلول العام 1979، عاشت إيران على وقف الثورة الإسلامية التي أطاحت بحكم الشاه محمد رضا بهلوي. وخلال شهر آذار/مارس 1979، عمد أتباع الخميني لإعلان انسحاب إيران من الحلف. وبنفس هذا الشهر، لحقت باكستان بركب الدول المنسحبة ممهدة بذلك لإعلان انهياره وانحلاله رسميا يوم 16 آذار/مارس 1979.