حين أعدم البلاشفة الروس نصف مليون ثري من مجموعة عرقية

يصنف القوزاق كمجموعة إثنية من السلافيين الشرقيين الذين سكنوا منذ أجيال السهوب الجنوبية لشرق أوروبا وروسيا وكازاخستان وسيبيريا. وبسبب ثقافتهم وعاداتهم العسكرية، تحوّل القوزاق لفرق مسلحة أساسية بالجيش الروسي أثناء فترة حكم القياصرة. وقد تم الاعتماد عليهم بالحروب الروسية العثمانية وحرب القرم والحروب النابليونية والحرب العالمية الأولى كما لجأ نظام القيصر نيقولا الثاني للاستعانة بخدماتهم لقمع الحركات الثورية بالبلاد ما بين عامي 1905 و1907.

ومع رحيل النظام القيصري عام 1917، تحوّل القوزاق لأبرز أعداء البلاشفة الذين اتجهوا للقضاء عليهم بسبب ماضيهم وارتباطهم بالنظام السابق.

رفض سلطة البلاشفة

عقب ثورة تشرين الأول/أكتوبر 1917 التي حملت لينين وأنصاره للسلطة، اندلع النزاع بين النظام البلشفي الشيوعي بموسكو والقوزاق. ففي أراضي الدون، أعلن أتامان القوزاق أليكسي كالدين (Alexey Kaledin) أنه لن يخضع لسلطة موسكو مؤكدا على رفضه لاستيلاء البلشفيين على السلطة وإزاحتهم للحكومة الشرعية للبلاد.

انطلاقا من ذلك، فتح أليكسي كالدين قنوات اتصال مع قوات كيرينسكي والمجلس المركزي الأوكراني وقوزاق كوبان وتيريك استعدادا للزحف على موسكو وإزاحة البلشفيين.

منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1917، باشر الجنرال لافر كورنيلوف (Lavr Kornilov)، بمساعدة زميليه ميخائيل ألكسييف (Mikhail Alekseyev) وأنطون دينيكين (Anton Denikin)، بإعداد جيش المتطوعين الذي تمكّن من دخول منطقة روستوف (Rostov) قبل أن ينسحب منها أواخر شباط/فبراير 1918 تزامنا مع تقدم الجيش الأحمر.

مع دخول القوات الألمانية لمنطقة روستوف يوم 8 أيار/مايو 1918 في خضم الحرب العالمية الأولى، شكّل الأتامان بيوتر كراسنوف (Pyotr Krasnov) حكومة بمنطقة الدون. وطيلة الأشهر التالية، قاد كراسنوف القوزاق خلال 3 محاولات فاشلة لدخول مدينة تساريتسين (Tsaritsyn) التي دافع عنها كل من تروتسكي وستالين بشراسة.

نصف مليون ضحية

يوم 24 يناير 1919، أصدر الحزب البلشفي قرارا باجتثاث القوزاق ضمن حملة سعى من خلالها لترهيب أولئك الذين فضّلوا الالتحاق بالجيش الأبيض لمواجهة الجيش الأحمر. وطالب المسؤولون البلشفيون من خلال هذا القرار بإعدام جميع القوزاق الأثرياء إضافة لكل من ثبت تورطه في أنشطة مناهضة لسلطة موسكو.

في الأثناء، باشرت قوات هيئة الطوارئ الروسية لمكافحة الثورة المضادة والتخريب، المعروفة أكثر بالتشيكا، بمهاجمة قرى القوزاق قبل أن تقدم على تنفيذ عمليات إعدام عشوائية في حق أشخاص شككت في تورطهم بأعمال ضد السلطة السوفيتية. وخلال منتصف شهر آذار/مارس 1919، أحصيت نحو 8 آلاف عملية إعدام بحق عدد من القوزاق داخل القرى.

من ناحية أخرى، اتجهت قوات التشيكا لممارسة الترحيل القسري نحو مراكز الاعتقال بحق القوزاق. ومع امتلاء هذه المعتقلات، راسل قائد فرق التشيكا فيليكس دجيرجنسكي (Felix Dzerzhinsky) فلاديمير لينين وطالبه بإنشاء معسكر جديد قادر على قبول ما لا يقل عن 100 ألف من القوزاق.

حسب التقارير والأبحاث المعاصرة، قدّر عدد القوزاق قبل عام 1917 بأكثر من مليون نسمة. ومع نهاية الحرب الأهلية الروسية، تراجع هذا العدد لأقل من النصف حيث أكدت تقارير اللجنة الرئاسية لإعادة تأهيل ضحايا القمع السياسي بروسيا عقب سقوط الاتحاد السوفيتي مقتل وترحيل ما يزيد عن 500 ألف من القوزاق.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: