حين حرقت قوات أتاتورك 100 ألف يوناني وأرميني

خلال العام 1922، مرت منطقة سميرنا (Smyrna) الموجودة حاليا بإزمير التركية بواحدة من أسوأ فتراتها. فحسب العديد من المصادر، عاش أهالي سميرنا بسلام لقرون على الرغم من اختلاف دياناتهم وأعراقهم.

وبناء على تقارير القنصل الأميركي بسميرنا جورج هورتون (George Horton)، قدّر عدد سكان المدينة سنة 1911 بنحو 400 ألف نسمة كان من ضمنهم 165 ألفا من الأتراك و150 ألفا من اليونانيين و50 ألفا من اليهود والأرمن، إضافة لما يزيد عن 20 ألفا من الأجانب. وبسبب أحداث عام 1922، تغيرت التركيبة الديمغرافية للمنطقة بشكل لافت للانتباه عقب إبادة تعرض لها اليونانيون والأرمن.

حريق سميرنا

فقبل أسابيع من نهاية الحرب التركية اليونانية، انسحبت جيوش اليونان يوم 8 أيلول/سبتمبر 1922 من مدينة سميرنا لتدخل خلال نفس ذلك اليوم قوات مصطفى كمال أتاتورك هذه المدينة متعددة الأعراق والديانات وسط مخاوف دولية من إمكانية حدوث مذبحة بالمدينة. ومع حلول اليوم التالي، شهدت مدينة سميرنا اندلاع أعمال عنف قادها جنود أتاتورك ضد مسيحيي سميرنا حيث لجأ الأتراك لسرقة وتخريب منازل الأرثوذكس واعتدوا على الرجال وسحلوا الكثير منهم وأقدموا على خطف النساء واغتصابهن.

من ناحية ثانية، طالت هجمات الأتراك حينها رجال الدين بالمدينة. فيوم العاشر من نفس الشهر، عمد جنود أتاتورك لقتل وسحل المطران كريسوستوموس (Chrysostomos) ونكّلوا بجثته.

في الأثناء، كانت العديد من السفن الحربية الفرنسية والبريطانية والأميركية رابضة قبالة ميناء المدينة وظلت هنالك دون أن تحرك ساكنا حيث تلقّت طواقم هذه السفن أوامر بعدم التدخّل والاكتفاء بإجلاء البعثات الدبلوماسية فقط.

بعد 4 أيام فقط من دخول القوات التركية، اندلع يوم 13 أيلول/سبتمبر حريق بالأحياء الأرمينية بالمنطقة. وبسبب الرياح القوية انتشرت النيران وتوسعت دائرة الحريق لتشمل الأحياء اليونانية المجاورة. وفي خضم هذه الأحداث، هرب عشرات الآلاف من المسيحيين الأرثوذكس نحو ميناء المدينة وأجبروا على القفز بالبحر والغرق تزامنا مع اقتراب ألسنة اللهب منهم. من ناحية أخرى، حاصرت قوات أتاتورك عددا من الأحياء اليونانية وفرضت على متساكنيها عدم مغادرتها متسببة بذلك في احتراق كثيرين داخل منازلهم.

ومع غياب جهود الإطفاء والإنقاذ وتواصل الانتهاكات التركية لأيام، وجد أرمن ويونانيو سميرنا أنفسهم أمام 3 خيارات تراوحت بين الموت حرقا أو غرقا أو على يد جنود أتاتورك.

90 ألف قتيل واتهامات لتركيا

أسفر حريق سميرنا سنة 1922 عن سقوط عشرات آلاف القتلى حيث تحدثت بعض التقارير عن مقتل أكثر من 90 ألف شخص. وخلال الفترة التالية، أقدمت قوات أتاتورك على اعتقال وتهجير عدد كبير من مسيحيي المدينة عن طريق إرسالهم نحو المناطق الداخلية. وبسبب ظروف نقلهم الصعبة فارق جلّهم الحياة.

وعلى حسب شهادات الناجين، تعمدت القوات التركية إضرام النيران بالمنازل ولاحقت الناجين في إنهاء وجود الأرمن واليونانيين بالمدينة. فضلا عن ذلك، نقل الكاتب الأميركي إرنست همينغوي (Ernest Hemingway)، الذي كان متواجدا على متن إحدى السفن الأميركية قبالة سميرنا، الكثير حول أهوال الحريق وكتب عنه بروايته "On the Quai at Smyrna".

إضافة لذلك، حمّل أغلب المؤرخين المعاصرين قوات أتاتورك مسؤولية حريق سميرنا. كما نقل القنصل الأميركي بالمدينة جورج هورتون تقارير اتهم من خلالها جنود أتاتورك بالوقوف وراء المأساة مؤكدا على رحيل كامل القوات اليونانية من المنطقة يوم 8 أيلول/سبتمبر وانتشار الأتراك بسميرنا لحظة اندلاع الحريق. أيضا، أكد القنصل الأميركي على قيام الأتراك بصب الوقود على منازل اليونانيين والأرمن لتوسيع رقعة الحريق.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: