خلال العام 1812، قاد نابليون بونابرت حملة عسكرية فاشلة ودامية ضد الإمبراطورية الروسية أسفرت عن وضع حد لأسطورة الجيش الكبير وأدت لانهيار الإمبراطورية الفرنسية التي امتدت على مناطق شاسعة من أوروبا.
فبعد أن توغل بروسيا رفقة جيش بلغ تعداده أكثر من 600 ألف جندي بداية من شهر حزيران/يونيو 1812، عاد نابليون بونابرت بعد 6 أشهر نحو فرنسا وهو يجر أذيال الخيبة فعبر منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر من نفس السنة نهر نيمان (Neman) رفقة نحو 40 ألفا فقط بعد أن خسر النسبة الكبرى من قواته بسبب المرض والجوع والبرد الروسي القاسي.
إلى ذلك، اتجه نابليون بونابرت لخوض غمار هذه الحرب عقب تدهور علاقاته مع الإمبراطور الروسي ألكسندر الأول لأسباب عدة. فبعد اتفاقية سلام تيلسيت (Tilsit) بين الطرفين عام 1807، ظهرت الخلافات مجددا بين الروس والفرنسيين وانتهت بحرب دامية أسفرت عن سقوط امبراطورية نابليون.
اتفاقية سلام تيلسيت
سنة 1807، وقّع كل من نابليون بونابرت وألكسندر الأول اتفاقية تيلسيت الأولى التي ساهمت في إنهاء حرب التحالف الرابعة وكرست انتصار فرنسا. وبعد هذه الاتفاقية الموقعة مع الروس، وقّع الفرنسيون بعد أيام قليلة اتفاقية تيلسيت الثانية مع البروسيين فجرّدوا بروسيا من نصف أراضيها وأقاموا عليها مملكة وستفاليا (Westphalia) ودوقية وارسو ومنطقة دنزيغ (Danzig) وتقاسموا ما تبقى من الأراضي مع الإمبراطورية الروسية.
إلى ذلك، جعلت اتفاقية تيلسيت من فرنسا وروسيا حليفتين ضد بريطانيا وهو ما أدى لخلق وضعية جيوسياسية جديدة بأوروبا سرعان ما انفجرت لتتسبب في اندلاع حرب التحالف الخامسة التي وضعت كل من بريطانيا والنمسا في مواجهة فرنسا عام 1809. وخلال هذه الحرب التي رفض الروس والبروسيون المشاركة فيها، اتضحت ملامح النزاع القادم حيث كان جليا للجميع أن مطامع نابليون بونابرت ستتجه صوب روسيا. وخلال حديثه مع سفير بلاده بوارسو سنة 1811، أكد بونابرت أنه لم يبق أمامه سوى روسيا ليحكم العالم.
الحصار القاري وفنلندا
على حسب ما نصت عليه اتفاقية تيلسيت لعام 1807، وعدت الإمبراطورية الروسية بالالتحاق بالحصار القاري المفروض على بريطانيا. في الأثناء، مثّل هذا الأمر أزمة حقيقية لروسيا التي اعتمدت كثيرا على الصادرات البريطانية لتمويل قطاعها العسكري. وعن طريق مشاركتها في هذا الحصار، واجهت روسيا خطر تراجع قدرتها العسكرية مقارنة بالفرنسيين ففضلت بدلا من ذلك مواصلة التجارة مع البريطانيين ضاربة بذلك عرض الحائط الحصار القاري النابليوني.
من ناحية أخرى، عرفت العلاقات الفرنسية السويدية انهيارا سريعا بسبب رفض السويديين تأييد أطماع نابليون بونابرت التوسعية. وكرد على ذلك، عمد بونابرت خلال شهر يناير/جانفي 1812 للتدخل بمنطقة بوميرانيا (Pomerania) السويدية. وأمام هذا الوضع، عقدت مملكة السويد تحالفا مع الإمبراطورية الروسية التي وعدت بالتدخل لصالحها في حال مهاجمتها من قبل نابليون بونابرت.
أيضا، وقعت روسيا أواخر شهر أيار/مايو 1812 اتفاقية سلام بوخارست مع العثمانيين التي أنهت سنوات الحرب بين الطرفين وأكدت على موافقة روسيا على الانسحاب من التحالف مع الفرنسيين. وقد جاءت هذه السياسة الروسية الجديدة لتثير غضب نابليون بونابرت الذي أصبح مؤيدا لفكرة الحرب ضد روسيا.
أميرتان روسيتان
خلال مسيرته كإمبراطور لفرنسا، حاول نابليون بونابرت في مناسبتين الزواج بأميرة روسية. فعقب مضي فترة وجيزة عن توقيع اتفاقية تيلسيت، تقدم نابليون بونابرت للزواج من كاثرين بافلوفنا (Catherine Pavlovna) شقيقة الإمبراطور الروسي ألكسندر الأول إلا أن الأخير رفض ذلك تخوفا من إمكانية ظهور نفوذ لبونابرت بروسيا. وخلال العام 1810، حاول نابليون مرة ثانية التقرب للعائلة الحاكمة بروسيا فتقدم للزواج من الأميرة الروسية آنا بافلوفنا (Anna Pavlovna)، شقيقة الإمبراطور ألكسندر الأول البالغة من العمر 14 عاما، إلا أن طلبه قوبل بالرفض مرة أخرى.