هزت قضية وفاة عشرات الأطفال داخل دار أيتام مؤخراً الرأي العام في السودان.
وقد نقلت وسائل إعلام سودانية عن مديرة دار "المايقوما" منى عبد الله، تأكيدها ارتفاع الوفيات، حيث بلغ العدد الحقيقي للأطفال المتوفين خلال شهر نوفمبر إلى 31 طفلاً، بينما توفي 11 طفلاً في شهر ديسمبر، كما تم تسجيل 12 وفاة بين الأطفال خلال شهر يناير.
يذكر أن "المايقوما" هي دار رعاية أولية للأطفال اليتامى وفاقدي السند، تُقدم فيها لهم الخدمة الصحية والرعاية الاجتماعية من سكن وغذاء وغيره حتى سن الخامسة، ثم يرحل الطفل لدور أخرى.
أنشئت "المايقوما" في العام 1961 بطاقة قصوى بلغت 400 طفل. ولم يكن للدولة أي يد في دعم الدار، حيث كانت تسير بدعم من تبرعات السودانيين وبعض المنظمات الخيرية كمنظمة "أطباء بلا حدود" الفرنسية التي بلغت مساهمتها لإدارة الدار 3 ملايين دولار حتى عام 2077، ومنظمة "أنا السودان" التي تولت مهمة إدارة الدار حتى العام 2009. وبعد خلافات بين المنظمة ووزارة الشؤون الاجتماعية آلت الدار للوزارة وأصبحت الحكومة السودانية مسؤولة عنها مسؤولية مباشرة.
وبعد تخلي المنظمات عن دعم الدار، تضررت كثيراً حيث غاب الدعم المالي الكبير وحدث خلل إداري وتأخر دفع رواتب العاملين مما أدى لمغادرة بعضهم. هذا الأمر رافقه ارتفاع بنسبة الوفيات بين الأطفال الرضع. وعزا البعض ذلك لقلة المال وارتفاع عدد الأطفال، إذ ما كان مملوكاً لطفل واحد في السابق أصبح يشاركه فيه أربعة، بدءاً من السكن والغذاء مروراً بالكساء والدواء، وانتهاء بالمرضعات والمربيات.
خلل إداري
رئيسة "منظمة خذ بيدي للأطفال" أفكار عمر مصطفى، زارت الدار عقب المعلومات الصادمة عن الوفيات، وأوضحت أن الدار تعاني من خلل إداري.
وقالت مصطفى لـ"العربية.نت "إن "الدار تحتاج لمكتب متطوعين يضم جهات طوعية وخيرية ويتولى مهام متابعة النقص، وأيضاً متابعة الأطفال في المستشفيات، بجانب توليه مسؤولية البرامج الترفيهية كما كان الوضع عليه في السابق".
ويواجه الأطفال في "المايقوما" تحديات صحية بالغة التعقيد، إذ يقدم بعض الأطفال إلى الدار وهم يعانون من جروح أو كسور أو أمراض ما.
وقالت مصطفى إنها ستعمل مع فريقها على خطة إسعافية عاجلة للملف، وهي ستستعين بفريق من خبراء التغذية والرعاية الصحية. وقالت في هذا الشأن إن "الوضع الغذائي داخل الدار كارثي ويستدعي تدخلاً عاجلاً".
وفي ختام حديثها مع "العربية.نت"، ناشدت مصطفى الجهات المختصة بـ"ضرورة النظر بعين الشفقة للأطفال" وطالبت كذلك بأن يتولى إدارة الدار منظمات خيرية ومتطوعون، كما كان الوضع عليه في السابق.
من جهته، قاد نشطاء ومتطوعون حملات لحشد الدعم وزاروا الدار للوقوف على احتياجاتها. في المقابل، دشن آخرون حملات تثقيف وتوعية للمجتمع في كيفية التعامل مع الطفل فاقد الأبوين وما يمكن فعله حتى الوصول به بأمان إلى الدار. كما وجهوا رسالة للحكومة بضرورة تسهيل إجراءات التعامل مع الأيتام وبزيادة الدعم المالي الحكومي لهم.
وفيات الأطفال فتحت النار على إدارة "المايقوما" وعلى وزارة الرعاية الاجتماعية في السودان، وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسم #انقذوا_أطفال_المايقوما منتقدين من خلاله سياسات الدولة تجاه ملف الأطفال عموماً وعدم اضطلاعها بدورها في الاهتمام بدور الرعاية الاجتماعية.
كذلك شجع النشطاء عبر هذا الهاشتاغ الأسر على تبني الأطفال فاقدي الأبوين ومد يد العون للمتطوعين لتلبية احتياجات الدار.