خطأ ملاحي.. حين تسبب السوفيت بكارثة جوية قتلت المئات

مع وفاة ليونيد بريجنيف (Leonid Brezhnev) يوم 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1982، تولى المسؤول والرئيس السابق لجهاز المخابرات السوفيتية يوري أندروبوف (Yuri Andropov) قيادة الحزب والدولة بالاتحاد السوفيتي. ومع صعود الأخير وحصوله على هذا المنصب، آمن سكان الاتحاد السوفيتي بإمكانية حدوث تغييرات وإصلاحات جذرية بالبلاد. إلى ذلك، تبخرت آمال السوفيتيين تزامنا مع اعتلال صحة أندروبوف الذي أصيب بمرض كلوي أدى لوفاته يوم 9 شباط/فبراير 1984.

في الأثناء، شهدت فترة يوري أندروبوف توترا بالعلاقات مع المعسكر الغربي بسبب حادثة الرحلة الجوية الكورية 007. فبدون قصد، أسقط السوفيت طائرة مدنية كورية متسببين في مقتل جميع ركابها.

269 ضحية

إلى ذلك، تعود أطوار هذه الحادثة للعام 1983. فيوم 1 أيلول/سبتمبر، كانت طائرة من بوينغ 747 تابعة للخطوط الجوية الكورية بصدد القيام برحلة اعتيادية بين نيويورك وسيول مرورا بمنطقة أنكوريج (Anchorage) بألاسكا. وبسبب خطأ ارتكبه طاقم هذه الرحلة التابعة للخطوط الجوية الكورية، حادت الطائرة عن مسارها العادي لتمر دون قصد فوق جزيرة سخالين قرب منطقة جوية سوفيتية محظورة.

ومع متابعتهم لهذه الطائرة المدنية الكورية على أجهزة الرادار، فشل السوفيت في تحديد هويتها وصنّفوها كطائرة تجسس أميركية حلت بالمنطقة لتلتقط صورا لمواقع الجيش السوفيتي. وكرد على ذلك، أقلعت طائرة سوخوي سو 15 (Sukhoi Su-15) سوفيتية لتستهدف نظيرتها المدنية الكورية بصواريخ جو- جو بعد أن أطلقت بضعة طلقات تحذيرية فشل طاقم الطائرة الكورية في تحديد طبيعتها وفهم معناها.

وعلى إثر استهدافها بصواريخ سوفيتية عقب خطأ ملاحي ضلت بسببه طريقها، سقطت الطائرة الكورية الجنوبية قرب جزيرة مونيرون (Moneron) غربي سخالين ببحر اليابان متسببة في وفاة جميع ركابها المقدر عددهم بنحو 269 راكبا من 16 جنسية مختلفة. ومن ضمن ضحايا هذه الطائرة، تواجد العضو عن الحزب الديمقراطي بمجلس النواب الأميركي لاري ماكدونالد (Larry McDonald) الذي توفي بالحادثة عن عمر ناهز 48 عاما.

إخفاء الأدلة

بادئ الأمر، أنكر المسؤولون السوفيت تورط بلادهم في عملية إسقاط الطائرة المدنية الكورية الجنوبية قبل أن يتراجعوا عن تصريحاتهم فيما بعد متهمين طاقم الطائرة المنكوبة بتعمد المرور فوق المنطقة المحضورة لأغراض تجسسية. فضلا عن ذلك، اتهم المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي الأميركيين بالوقوف وراء الحادثة وتهويلها بهدف تشويه سمعة الاتحاد السوفيتي ودفعه نحو الحرب. ومن جانبه، اتهم البيت الأبيض السوفيت بإعاقة جهود البحث عن بقايا الطائرة المنكوبة.

من جانبها، عمدت القوات السوفيتية لإخفاء جميع الأدلة التي قد تدينها من قبل منظمة الطيران المدني الدولي. وقد ضلت هذه الأدلة مخفية لأكثر من 10 سنوات قبل أن تقدم للعالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

وفي سياق الحرب الباردة، جاءت كارثة الرحلة الجوية الكورية 007 لتأجج الشعور المعادي للاتحاد السوفيتي بالولايات المتحدة الأميركية كما ساهمت في زيادة الضغط على إدارة الرئيس رونالد ريغن لجعل نظام التموضع العالمي (GPS) متاحا للاستخدام المدني.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: