خلال هذا العام.. أزاح الفرنسيون المجلس الوطني وانتخبوا نابليون

أواخر العام 1851، لم يتردد لويس نابليون بونابرت، ابن أخي نابليون بونابرت، في وضع حد للمجلس الوطني الفرنسي قبل أن يعلن نفسه إمبراطورا العام التالي، متخذاً بذلك لقب نابليون الثالث. وأملا في ترسيخ ذكرى أمجاد عمّه، حصل نابليون الثالث على لقب الإمبراطور يوم 2 كانون الأول/ديسمبر وهو اليوم الذي يوافق يوم تنصيب نابليون الأول إمبراطورا بكاتدرائية نوتردام عام 1804 والذكرى السادسة والأربعين لمعركة أوسترليتز التي سحقت خلالها جيوش بونابرت القوات النمساوية والروسية.

أهم مرشح بونابرتي

وتماما كعمّه، حظي لويس نابليون بونابرت بتاريخ حافل بالإنجازات تحطّم عام 1870 على صخرة المستشار الألماني أوتو فون بسمارك في خضم الحرب الفرنسية البروسية التي أسفرت عن إعلان الوحدة الألمانية. إلى ذلك، ولد لويس نابليون بونابرت يوم 20 نيسان/أبريل 1808 وكان ثالث أبناء لويس بونابرت وهورتانس دي بوهارنييه (Hortense de Beauharnais). ومع وفاة نابليون بونابرت بمنفاه بجزيرة سانت هيلينا عام 1821 ورحيل ابنه نابليون الثاني عن العالم في سن مبكرة عام 1832، أصبح لويس نابليون بونابرت أحد أبرز المرشحين البونابرتيين المطالبين بعرش فرنسا.
مستغلا تزايد التأييد الشعبي للبونابرتيين، حاول لويس نابليون بونابرت انتزاع السلطة بالقوة عام 1840. ومع فشله في ذلك وإجهاض حركته الانقلابية، حصل الأخير على حكم بالسجن المؤبد وأرسل نحو حصن هام (Ham) الذي تمكّن من الفرار منه منتحلاً هوية عامل لينتقل فيما بعد لإنجلترا.

تأييد شعبي ساحق لنابليون الثالث

مع قيام الجمهورية الثانية، عاد لويس نابليون بونابرت لفرنسا وأصبح عقب فوزه بانتخابات عام 1848 أول رئيس بتاريخ فرنسا بفضل دعم السياسي والمؤرخ أدولف تيير (Adolphe Thiers).

وفي الأثناء، أعلن الرئيس الفرنسي نفسه مدافعاً عن الحريات وحق الانتخاب ووقف بذلك في وجه المجلس الوطني الذي تكوّن أساسا من نواب ملكيين وكاثوليكيين اتحدوا خوفاً من التحركات والثورات العمالية بالبلاد.

ومنذ البداية، اتجه لويس نابليون بونابرت للتدخل بروما عام 1849 لمساعدة البابا بيوس التاسع (Pius IX) ضد الجمهوريين. وقد سبب ذلك حالة من الانقسام بالمجلس الوطني الذي صوّت ما بين عامي 1849 و1850 على جملة من القوانين قيّدت حرية الصحافة والانتخاب ونفت العديد من المشاركين بثورة 1848 نحو الجزائر.

إلى ذلك، ساهمت مثل هذه القرارات السيئة التي اتخذها المجلس الوطني في تلميع صورة لويس نابليون الثالث. وما بين يومي 8 آب/أغسطس و12 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1850، قاد الأخير جولة بالمدن الفرنسية للترويج لنفسه فاتخذ مواقف داعمة للعمال تارة وتحدّث عن تعاطفه ودفاعه عن الدين وحق الملكية تارة أخرى. كما اتجه أيضا للتقرب من الجيش محدّثا إياهم عن إصلاحات وبطولات عسكرية. وأثناء استعراض بمعسكر ساتوري (Satory)، لم يتردد الجنود في إطلاق صيحات "يحيا الإمبراطور" احتفالا بلويس نابليون بونابرت.

مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1851، تقدم الرئيس الفرنسي بطلب للمجلس الوطني برفع القيود عن حق الانتخاب. ومع رفضهم لذلك، كسب النواب بالمجلس الوطني عداء الجمهوريين.

خلال الليلة الفاصلة بين يومي 1 و2 كانون الأول/ديسمبر 1851، اجتمع مساندو لويس نابليون بونابرت بقصر الإليزيه وأعطوا إشارة بدء عملية انتقال السلطة. وبينما اتجه الدوق مورني (Morny) للاستيلاء على وزارة الداخلية، انطلق الكولونيل ديسبيناس (colonel d'Espinasse) رفقة فيلق عسكري نحو قصر بوربون. وبرعاية رجال الأمن، طبع عمال المطبعة الوطنية معلقات علّقت على جدران العاصمة.

صباح اليوم التالي، قرأ الباريسيون هذه المعلقات التي أعلنت رسميا حلّ المجلس الوطني وعودة حق الانتخاب وإعلان حالة الطوارئ.

يوم 20 كانون الأول/ديسمبر 1851، كانت فرنسا على موعد مع استفتاء شعبي أيدت من خلاله الأغلبية الساحقة من الفرنسيين إجراءات يوم 2 كانون الأول/ديسمبر ومنحت من خلاله للويس نابليون بونابرت صلاحيات إعداد دستور جديد للبلاد. وبفضل ذلك، عرفت الجمهورية الثانية نهايتها لتظهر بدلا منها بالعام التالي الإمبراطورية الثانية.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: