ما بين أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، عاشت الإمبراطورية الروسية على وقع اضطرابات سياسية قتل خلالها عدد هام من الشخصيات النافذة بالبلاد.
فعقب نجاته من نحو 5 محاولات اغتيال، قتل الإمبراطور الروسي ألكسندر الثاني (Alexander II) يوم 13 مارس 1881 عقب استهداف موكبه بالقنابل من قبل أفراد منظمة نورودنايا فوليا (Narodnaya Volya). وخلال السنوات التالية، تعرّض كل من ابنه، الإمبراطور التالي، ألكسندر الثالث وحفيده نيقولا الثاني لمحاولات اغتيال أخرى كللت كلها بالفشل.
ومطلع القرن العشرين، استمر سيناريو الاغتيالات ليطال هذه المرة وزراء كان أهمهم وزيرا الداخلية ديميتري سيبياجين (Dmitry Sipyagin) وفلاشيسلاف فون بليهاف (Vyacheslav von Plehve) ما بين عامي 1902 و1904.
اغتيال ديميتري سيبياجين
وعقب تخرّجه بمجال القضاء بجامعة سانت بطرسبرغ، شغل سيبياجين، المولود بكييف عام 1853، مناصب سياسية هامة فتولى ما بين 1886 و1888 منصب نائب حاكم منطقة خاركوف (Kharkov) قبل أن يصبح حاكما على كورلاند (Courland) ومن ثم موسكو ما بين سنتي 1888 و1893.
وبداية من العام 1893، تقلّد ديميتري سيبياجين مناصب وزارية هامة فعيّن عام 1893 نائبا لوزير أملاك الدولة وتولى بعدها بعام منصب نائب وزير الداخلية قبل أن يحصل في النهاية على حقيبة الداخلية بحلول العام 1899. وخلال اعتصام الطلاب سنة 1899، كسب سيبياجين عداء العديد من الروس حيث لجأ الأخير حينها، بتأييد من القيصر نيقولا الثاني، لمعاقبة المعتقلين أثناء هذا الإضراب عن طريق إجبارهم على القيام بخدمتهم العسكرية.
بقصر مارينسكي (Mariinsky Palace) بسانت بطرسبرغ، تعرض سيبياجين يوم 2 أبريل 1902 لمحاولة اغتيال ناجحة. فخلال ذلك اليوم، تنكر الطالب ستيفان بالماشوف (Stepan Balmashov) بزي عامل بالقصر ليتربص بوزير الداخلية ديميتري سيبياجين ويوجه له من مسافة قريبة رصاصات أودت بحياته على عين المكان.
اغتيال فلاشيسلاف فون بليهاف
وعقب موت سيبياجين عام 1902، خلفه على رأس وزارة الداخلية فلاشيسلاف فون بليهاف المولود يوم 20 أبريل 1846. فبعد دراسته للقانون بجامعة موسكو، عمل فلاشيسلاف فون بليهاف بمجال القضاء بمناطق عدّة كفلاديمير وفولوغدا (Vologda) وسانت بطرسبرغ كما اتجه عام 1881 للمشاركة بالتحقيقات حول حادثة اغتيال القيصر ألكسندر الثاني.
وعام 1899، عمل فون بليهاف كمستشار خاص قبل أن يعيّن لحدود العام 1904 مبعوثا للقيصر نحو فنلندا التي كانت بدورها جزء من الإمبراطورية الروسية.
عقب لقاء جمعه بمؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل (Theodor Herzl) خلال شهر أغسطس 1903، تحوّل فلاشيسلاف فون بليهاف لأهم عدو بالنسبة ليهود روسيا حيث اتهم هذا الوزير حينها بالتخلي عن قضايا اليهود الروس والتنكر لوعوده السابقة. وخلال نفس العام، لم يحرك وزير الداخلية فلاشيسلاف فون بليهاف ساكنا لمواجهة أعمال العنف الدامية التي طالت اليهود بروسيا. وبسبب ذلك، وضعت بعض المنظمات اليهودية خططا لقتله.
وعقب نجاته من 3 محاولات اغتيال بين عامي 1903 و1904، تمكن شخص يدعى يغور سوزونوف (Yegor Sozonov)، انتمى للحزب الإشتراكي الثوري، من قتل وزير الداخلية فون بليهاف. ويوم 28 يوليو عام 1904، ألقى الأخير قنبلة على عربة فون بليهاف الذي فارق الحياة بسبب الإنفجار لتفقد بذلك روسيا ثاني وزير داخلية لها خلال فترة لم تتجاوز 25 شهرا.