في ظل التحول العالمي الحالي من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة، تَمَسّ الحاجة إلى استدامة الكهرباء دون المساس بخطط مكافحة التغير المناخي؛ ومن المقترَحات: التوسع في استعمال «خلايا الوقود الميكروبية.»
وهذه الخلايا تتغذى على المعادن باعثةً إلكترونات –في عملية يَسهل تحفيزها بركائز معيّنة، منها المواد العضوية التي في مياه الصرف الصحيّ–، فتولِّد كهرباء تُستعمل حاليًّا بالفعل في تشغيل الأجهزة البسيطة، كالآلات الحاسبة والمصابيح والمراوح الصغيرة.
وتتكون عادةً من وعاءَيْ مصعد ومهبط (أنود وكاثود) بينهما غشاء؛ فتنمو البكتيريا على المصعد، محوِّلة الركائز إلى ثاني أكسيد الكربون وبروتونات وإلكترونات؛ فتمر البروتونات إلى المهبط عبر الغشاء، والإلكترونات عبر دائرة خارجية، فيتفاعلان في المهبط تفاعلًا يستهلك الأكسجين ويشكّل ماءً؛ وهكذا يستمر توليد الكهرباء ما دامت الركائز تتحول والإلكترونات تتدفق في الدائرة.
وهذا النظام سهل الإعداد والتوسيع، وأقل «حمأة» من أساليب المعالَجة الأخرى، وأكثر تحملًا للملوحة، ويعمل في درجة حرارة الغرفة، وركائزه متوفرة، فتشمل مواد مياه الصرف، وإفرازات جذور النباتات –وتُدعى «النضحات»–، وحتى الملوثات الغازية.
فأما مواد الصرف فاستُعملت بالفعل في مرحاض في غانا، إذ ظل عامين كاملين يشغِّل مصباح ليد بكثافة 268 نانو واط/م2، مع إزالته النيتروجين من البول، وتحويله البراز إلى سماد؛ ولهذا تطبيقات كثيرة بلا شك.
وأما النباتات فتُولِّد أثناء نموها كربوهيدرات كالجلوكوز، وتَنضح بِبعضَها لدى الجذور، فتحوّلها الميكروبات إلى بروتونات وإلكترونات وثاني أكسيد كربون؛ وفي خلايا الوقود الميكروبية النباتية تُنقل البروتونات عبر غشاء الوعاء لترتبط بالأكسجين، فتمر الإلكترونات في الدائرة الكهربائية، وتتولد كهرباء صالحة للمجتمعات النائية ولإنارة الطرقات.
وإلى جانب هذين التطبيقين، يوجد نوع من هذه الخلايا يُدعى «خلايا التحلية الميكروبية،» يحلّي المياه المالحة وهو يولد كهرباء في الوقت ذاته، وبتكلفة بسيطة لا تقارَن بتكلفة أساليب التحلية المعتادة التي تستهلِك الكهرباء، لا تولّدها.
وتطبيق آخر في «الهضم اللاهوائي،» وهو عملية تُستعاد فيها الطاقة من مياه الصرف، بإنتاج غاز حيوي أغلبه ميثان (المكوِّن الأساس للغاز الطبيعي)؛ وهي عملية غير فعالة عادة، لكن ترجَّح أن الميكروبات المستخدَمة فيها تتشارك في الإلكترونات، فاقتُرح توظيف بعض الطاقة الموجبة لتحفيز أيْضها، ومِن ثَم تحسين إنتاج الميثان والكهرباء المستعادة؛ وهاهنا يأتي دور تلك الخلايا.
فصحيح أنها مستعملة في تشغيل أجهزة بسيطة حاليًّا، لكن عدة شركات بدأت بالفعل تسويقها، منها روبيال وبلانْت-إي؛ والباحثون عاكفون على تطويرها وتوسيع مجالها، ويرونها واعدة إلى درجة احتمال توظيفها مستقبلًا في البعثات الفضائية الممتدة.
The post خلايا الوقود الميكروبية ودورها الكبير المتصوَّر في كهرباء المستقبل appeared first on مرصد المستقبل.