ثمة خواء بائن ظلت تعاني منه شاشات الفضائيات السودانية كلها أو غالبيتها العظمى، في الأفكار والمحتوى، لاسيما في رمضان وعيد الفطر حيث الموسم الأعلى مشاهدة، كما في الدول العربية بلا استثناء.
ورأى كثيرون أن السباق الرمضاني والعيد لم يأت بجديد، ومازالت برامج الغناء التي ظلت تقدم لسنوات تسيطر على المشهد، ولعل أبرزها برنامج" أغاني وأغاني" الذي حرصت "قناة النيل الأزرق" على تقديمه رغم غياب مقدمه الأشهر السر قدور الذي رحل قبل حلول شهر رمضان بأيام قليلة.
وفي حديث لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، تساءل الصحافي والناقد الفني هيثم أحمد الطيب "هل نملك في أجهزتنا الإعلامية إدارة تخطيط برامجي؟! يعني إدارة بشكل مؤسسي وعلمي ومهني وبها خبرات وتجارب، للقيام برسم لغة البرامج وطريقتها وإطارها وأهدافها ومحاورها".
وأضاف: "نحن نحتاج لإدارة تقرأ ذوق الناس بوعي، وتعمل على فهم معنى الحوار الجاذب والمفيد والعميق، وماذا تعني الإمتاع والمؤانسة".
ومضى الطيب قائلا: "نحن فقدنا الفكرة والصناعة، صناعة لغة وشاشة وتقنية، وأنا أشرت هنا إلى البرامج الحوارية لأنها تشكل أكثر من ثلثي الخارطة البرامجية كلها، ولأن الضعف يتحرك فيها بالشكل الكبير والواسع".
وعن تأثير التدهور الاقتصادي والمناخ العام على فشل الفضائيات السودانية على صنع محتوى لافت، قال الطيب: "قطعا يؤثر وبشكل كبير، لأن أي تحرك مرتبط بهما، فالمناخ العام مناخ محاصرة كاملة، وبالتالي حرية الحركة الإبداعية الحقيقية تكون في أدنى مستوياتها ومناخ التعقيدات السياسية دائما خانق للتفكير الإبداعي مما يقتل الأفكار ويخصم من قوة تأثيرها الإيجابي على الناس. أما الوضع الاقتصادي فظلاله أكثر من سالبة على اعتبار ملامسته المباشرة للعملية الإنتاجية مما يؤثر على جودتها وكفاءتها. كل تلك العوامل تقود لصناعة ضعيفة شكلا ومضمونا في فكرتها ولغتها وأهدافها".
مسلسل "سكة ضياع" بطولة نخبة من الممثلين الشبان شكل نقطة مضيئة وعلامة فارقة في السباق الرمضاني وحظي بمتابعة واسعة، ورد النقاد والمتابعون هذا الأمر إلى خوض المسلسل فيما يمكن تسميته بالـ"مسكوت عنه في المجتمع السوداني"، كما قالت الصحافية رشا حسن لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت".
وقللت رشا حسن من أهمية العامل الاقتصادي، مؤكدة أن معظم المنتجين والقائمين على أمر البرامج قليلو المعرفة والإدراك باهتمامات الجيل الحالي، وبالتالي لا يعبّرون عنه، بحسب كلامها.