مع دخول نابليون بونابرت إسبانيا عام 1808 وتنصيبه لشقيقه جوزيف بونابرت ملكا عليها، بدلا من فرديناند السابع (Ferdinand VII)، عاشت المستعمرة الإسبانية بالمكسيك، أي إسبانيا الجديدة، على وقع حالة من الغضب حيث رفض الجميع هنالك، خاصة ذوي الأصول الإسبانية، الاحتلال الفرنسي لبلادهم واتجهوا لتنظيم حركة تمردية بالمكسيك.
ويوم 16 سبتمبر 1810، أقدم الراهب ذو الأصول الإسبانية ميغيل إيدالغو (Miguel Hidalgo) على قرع أجراس كنيسته بمدينة دولورس (Dolores) المكسيكية كإشارة لانطلاق العصيان المسلح وبداية حرب الاستقلال.
إلى ذلك، شهدت حرب استقلال المكسيك، التي استمرت لأكثر من 11 عاما، ظهور العديد من الوجوه المناضلة بالمكسيك كان أبرزها السياسي أغوسطين دي إتوربيدي (Agustín de Iturbide) الذي دافع بشراسة عن تحرر البلاد من الهيمنة الإسبانية.
انشقاق عن إسبانيا
ومع بداية حرب الاستقلال عام 1810، فضّل أغوسطين دي إتوربيدي الحفاظ على ولائه للتاج الإسباني. وبناء على ذلك، عمد هذا العسكري المولود بإسبانيا الجديدة، أي المكسيك، لقمع الثوار بالحديد والنار. وبحلول العام 1816، تعرض دي إتوربيدي للطرد من الجيش، على الرغم من تضحياته السابقة، بسبب تهم اختلاس وابتزاز.
سنة 1821، عرض أغوسطين دي إتوربيدي خدماته على الإسبان واقترح عليهم تزويده بجيش للقضاء بشكل نهائي على الثورة. ونزولا عند رغبة هذا الرجل ذو الخبرة العسكرية، حصل الأخير على فيلق تكون من آلاف الجنود. وبدل التوجه لقمع الثورة، عمد أغوسطين دي إتوربيدي للتحالف مع قائد الثوار فيسينتي غيريرو (Vicente Guerrero) قبل أن يتجه لإعلان استقلال المكسيك عن إسبانيا.
ولإنهاء الحرب مع الإسبان وتجنب ردة الفعل المحتملة لذوي الأصول الإسبانية بالبلاد، وضع أغوسطين دي إتوربيدي خطة الضمانات الثلاثة. وبموجب هذه الفكرة، دعا هذا العسكري لاستقلال المكسيك مقابل ثلاثة شروط أساسية تضمنت إقرار النظام الملكي بالمكسيك وتعيين أحد أفراد العائلة الحاكمة بإسبانيا ملكا عليها واعتماد الكاثوليكية كدين رسمي للبلاد وإقرار مبدأ المساواة بين جميع الأعراق.
إعدام بطل الاستقلال
وفي البداية، حصل أغوسطين دي إتوربيدي على منصب رئيس مجلس الوصاية على العرش واتجه في نفس الوقت لتعيين لجنة كلفت بإعداد دستور للبلاد.
وفي الأثناء، لم يستمر هذا الوهم السياسي طويلا. فيوم 18 مايو 1822، قاد أغوسطين دي إتوربيدي انقلابا عسكريا حصل من خلاله على لقب إمبراطور المكسيك واتجه لتسمية نفسه بأوغسطين الأول معلنا بذلك انشاء سلالة حاكمة جديدة بالمكسيك.
إلى ذلك، لم يستمر حكم أغوسطين دي إتوربيدي سوى 10 أشهر بسبب رفض النواب المكسيكيون منحه السلطة المطلقة وتوجههم لتشكيل حكومة أخرى، بدعم من قادة الجيش، نافست سلطة الإمبراطور. وتزامنا مع تدهور الحالة الاقتصادية للبلاد، شهدت المكسيك خلال شهر مارس 1823 انقلابا عسكريا قاده الجنرال أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا (Antonio Lopez de Santa Anna) أطاح بحكم أغوسطين دي إتوربيدي وأجبره على الفرار نحو لندن.
سنة 1824، حاول دي إتوربيدي تنظيم محاولة انقلابية أخرى لاستعادة عرشه. ومع محاولته التسلل خلسة للمكسيك، اعتقل الأخير وأعدم رميا بالرصاص بمنطقة باديلا (Padilla) يوم 19 يوليو 1824.