عندما يتم الحديث عن المستعمرات الأوروبية بالقارة الأميركية، يتجه الجميع للحديث عن المستعمرات الإنجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية أو الهولندية أو البرتغالية.
في المقابل، يتم تجاهل فترة هامة من التاريخ الأميركي ألا وهي فترة التوسع السويدي على الأراضي الأميركية. ففي حدود بداية القرن السابع عشر حاولت السويد مقارعة الدول العظمى في سباق التوسع بالعالم الجديد.
أول ظهور للسويديين بأميركا
إلى ذلك، بدأت فكرة التوسع بالعالم الجديد في الظهور لدى السويديين خلال ثلاثينات القرن السابع عشر أثناء عهد الملكة كريستينا (Christina) ابنة الملك غوستاف الثاني أدولف (Gustav II Adolf). فخلال سعيها لتدعيم تجارة التبغ والفرو حاولت السويد إنشاء مستعمرة على الأراضي الأميركية. وقد أوكلت مهمة شراء الأراضي ونقل عدد من الأهالي السويديين نحو الجانب الثاني من المحيط الأطلسي للمستكشف والمغامر الهولندي الأصل بيتر مينوي (Peter Minuit) الذي اشتهر بصفقة شراء جزيرة مانهاتن من السكان الأصليين مقابل مبلغ زهيد.
أواخر سنة 1637 انطلق المغامر الهولندي بيتر مينوي رفقة أول المهاجرين السويديين، المقدر عددهم بخمسة وعشرين مهاجرا، نحو العالم الجديد. وفي حدود شهر آذار/مارس سنة 1638 بلغت السفن السويدية منطقة نهر ديلاوير (Delaware). وهنالك عقد بيتر مينوي اتفاقا مع عدد من قبائل السكان الأصليين من أجل شراء أراض امتدت على أجزاء من ديلاوير وبنسلفانيا (Pennsylvania) ونيوجيرسي (New Jersey) ليجعل منها لاحقا أراضي المستعمرة السويدية بالعالم الجديد، التي حملت اسم السويد الجديدة (New Sweden)، ويشيد عليها مستعمرة فورت كريستينا (Fort Christina).
ازدهار المستعمرة السويدية
في حدود شهر آب/أغسطس سنة 1638 تلقت مستعمرة السويد الجديدة صفعة قاسية على إثر وفاة مبعوثها ووسيطها الوحيد مع السكان الأصليين بيتر مينوي حيث فارق الأخير الحياة على إثر خراب سفينته في عرض البحر بسبب إعصار قرب منطقة الكاريبي.
في الأثناء لم يمنع هذا الحدث التعيس مستعمرة السويد الجديدة من التطور والازدهار. فخلال السنوات التالية التي تزامنت مع استلام يوهان برينتز (Johan Printz) لمنصب حاكم المستعمرة، هاجر مزيد من السويديين والفنلنديين نحو العالم الجديد. فضلا عن ذلك، دعّم سكان المستعمرة موقعهم عن طريق إنشاء دفاعات وحصون، كما أقاموا علاقات تجارية جيدة مع السكان الأصليين قبل أن يباشروا بزراعة التبغ داخل حقولهم الخاصة من أجل تصديره نحو وطنهم الأم السويد. وإضافة لذلك، جلب السويديون اللوثرية وعددا من التنظيمات الإدارية وطرقا جديدة لتشييد الأكواخ نحو القارة الأميركية.
سقوط المستعمرة السويدية
مع حلول سنة 1847، تولى الهولندي بيتر ستايفسنت (Peter Stuyvesant) قيادة المستعمرات الهولندية بالعالم الجديد. وعلى إثر ذلك بدأت الخلافات بالظهور بين السويديين والهولنديين الذين اعتبروا جميع المناطق القريبة من نهر ديلاوير ملكا لهم.
وخلال السنوات التالية، أنشأ الهولنديون عددا من المستعمرات، مثل فورت كازيميار (Fort Casimir)، قرب نهر ديلاوير. وتدريجيا، تسبب ذلك مطلع سنة 1651 في إقصاء السويديين من برنامج تجارة الفرو. وبسبب سياسة المسؤول السويدي الجديد يوهان ريزينغ (Johan Rising) بمستعمرة السويد الجديدة، أقدم العديد من المستعمرين ذوي الأصول السويدية على الفرار نحو المستعمرات الهولندية القريبة بحثا عن فرص تجارة وحياة أفضل.
تزامنا مع تواصل السياسة الاستفزازية الهولندية قرب المستعمرة السويدية، أقدم السويدي يوهان ريزينغ سنة 1654 على قيادة حملة عسكرية، رفقة بضعة مئات من الجنود والمستعمرين السويديين، ضد مستعمرة فورت كازيميار الهولندية القريبة ليتمكن في وقت وجيز من محاصرتها وإخضاعها لسلطته.
خلال شهر آب/أغسطس 1655، رد المسؤول الهولندي بيتر ستايفسنت عن طريق إرسال مئات الجنود وعدد من السفن الحربية التي عبرت نهر ديلاوير لتستعيد فورت كازيميار وتتمكن من السيطرة على مستعمرة فورت كريستينا السويدية والمناطق المحيطة بها لتعرف بذلك مستعمرة السويد الجديدة نهايتها بعد مضي 17 عاما فقط عن نشأتها.
مزيد من المهاجرين السويديين بأميركا
إلى ذلك، مثلت السويد الجديدة بداية ظهور السويديين بشمال القارة الأميركية حيث حافظ هؤلاء المستعمرون السويديون على هويتهم ولغتهم لفترة طويلة على الرغم من التحاق مستعمرتهم بالممتلكات الهولندية والإنجليزية لاحقا. وخلال القرون التالية، تزايد الوجود السويدي بالمنطقة بشكل كبير. فما بين القرن 19 ومطلع القرن 20، قدّر عدد المهاجرين السويديين بالولايات المتحدة الأميركية بنحو 1.3 مليون مهاجر.