دون إراقة للدماء.. استعاد نابليون عرشه لمدة 100 يوم

عقب تنازله عن العرش وقبوله بمعاهدة فونتنبلو (Fontainebleau) تزامنا مع دخول القوات الروسية والبريطانية والنمساوية والبروسية لباريس، نفي الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت نحو جزيرة ألبا (Elba)، القريبة من الأراضي الفرنسية والموجودة بالبحر الأبيض المتوسط، المقدرة مساحتها بنحو 236 كلم مربع والبالغ تعداد سكانها حوالي 12 ألف ساكن.

وبهذه الجزيرة، تشاءم نابليون بونابرت من غياب زوجته وابنه وعدم حصوله على راتبه التقاعدي المقدر بنحو مليوني جنيه الذي وعد لويس الثامن عشر بمنحه إياه حسب البند الثالث من اتفاقية فونتنبلو. أيضا، أحس بونابرت بالقلق الشديد عقب سماعه لإشاعات حول استعداد البريطانيين لنقله من منفاه بجزيرة ألبا نحو مكان آخر بعرض المحيط الأطلسي عند جزيرة سانت هيلينا (Saint Helena) التي كانت تبعد آلاف الكيلومترات عن وطنه فرنسا.

الفرار من المنفى

وبمنفاه بجزيرة ألبا، حصل نابليون بونابرت على معلومات حول وجود حالة من الغضب في صفوف الفرنسيين ضد سياسة الملك لويس الثامن عشر الذي نصّبه الحلفاء، الروس والبريطانيون والنمساويون والبروسيون، عقب تنازل بونابرت وتوقيع معاهدة فونتنبلو.

وخلال تلك الفترة، أثار لويس الثامن عشر استياء الفرنسيين بسبب قبوله بكل ما اشترطه المنتصرون وعدم اكتراثه بمعاناة الشعب الفرنسي. وقد عبّر الفلاحون عن غضبهم بسبب مصادرة المحاصيل والأراضي. كما رفض الجيش الفرنسي مساندة الملك للقوات الأجنبية على حسابهم تزامنا مع تقزيم دورهم بالبلاد. أيضا، تشاءم سكان باريس من تصرفات القوات الأجنبية التي عمدت في الكثير من الأحيان للاعتداء على الباريسيين ونهب ممتلكاتهم.

وأمام هذا الوضع، قرر نابليون بونابرت الفرار من جزيرة ألبا للعودة مرة أخرى لفرنسا أملا في استعادة عرشه. وعقب نجاح مساعديه في الحصول على قوارب من منطقة بورتوفيرايو (Portoferraio)، استغل نابليون بونابرت غياب المسؤول البريطاني بالجزيرة وعتمة الليل ليفر رفقة المئات من المساعدين والجنود وينزل بحلول ساعات الصباح الأولى ليوم 1 مارس 1815 بشواطئ خليج جوان (Golfe-Juan) أين استقبل استقبال الأبطال من قبل أهالي المنطقة. وحال نزوله على الشاطئ، قدّم بونابرت تصريحا غريبا أعلن من خلاله أنه سيستعيد عرشه مجددا دون إراقة قطرة دم فرنسية واحدة.

نابليون يستعيد عرشه

في الأثناء، أثار خبر فرار بونابرت من جزيرة ألبا حالة من التخبط بباريس. فبينما استقبل الباريسيون الخبر بفرح شديد، رفض أنصار الملك لويس الثامن وعدد من العسكريين الأمر واتجهوا لإرسال الفيلق الخامس بقيادة المارشال ميشال ني (Michel Ney)، الذي عمل سابقا تحت أوامر بونابرت، لإعتراضه وقتله قبل بلوغ باريس.

يوم 7 مارس 1815، التقى بونابرت مرفوقا بالعدد القليل من جنوده والأهالي المسلحين بالخناجر والسيوف بالفيلق الخامس الفرنسي بقيادة المارشال ني عند منطقة لافراي (Laffrey). وبينما أمر ني أفراد الفيلق الخامس بالتصويب استعدادا لإطلاق النار، أمر بونابرت جنوده بعدم القيام بأية حركة ووضع بنادقهم لجوار أرجلهم.

وتزامنا مع ذلك، تقدم بونابرت نحو قوات المارشال ني ونطق جملته الشهيرة قائلا "جنود الفيلق الخامس أنا إمبراطوركم … إذا كان بينكم واحد يريد قتل إمبراطوره فليقم بذلك".

ومع إصدار المارشال ني الأوامر بإطلاق النار، ألقى جنود الفيلق الخامس بنادقهم أرضا وانطلقوا نحو بونابرت للترحيب به ومعانقته. وعلى إثر هذه الحادثة، التحق ني وجنوده بقوات نابليون بونابرت التي واصلت زحفها لتحل بباريس وتدخل قصر التويليري (Tuileries) يوم 20 مارس 1815 معلنة بذلك بداية فترة المائة يوم.

إلى ذلك، استرد نابليون بونابرت عرشه لفترة وجيزة قدرت مدتها بثلاثة أشهر ويومين. فعقب خسارته لمعركة واترلو يوم 18 يونيو 1815، أجبر الأخير على التنازل عن عرشه مرة ثانية لينفى بشكل نهائي نحو جزيرة سانت هيلينا أين فارق الحياة يوم 5 مايو 1821.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: