طيلة القرون الماضية، رافق العديد من الأمراض الرؤساء الأميركيين أثناء مزاولتهم لمهامهم، مهددة بذلك مستقبلهم السياسي. ومقارنة بعدد من الرؤساء الذين توفوا أثناء فتراتهم الرئاسية، كوليام هنري هاريسون (William Henry Harrison) الذي فارق الحياة بسبب التهاب رئوي بعد 34 يوماً من استلامه مهامه، ووارن جي هاردينغ (Warren G. Harding) الذي توفي بسبب أزمة قلبية، تحدى رؤساء أميركيون أمراضاً وأزمات صحية خطيرة فنجوا منها بأعجوبة، وعادوا لمهامهم بعد معاناة استمرت لأيام عدة.
مرض جورج واشنطن
وتعود بداية قصة هذه الأزمات الصحية إلى فترة أول رئيس بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية. فبعد نجاته من أمراض عدة كالجدري والملاريا والدفتيريا قبل استلامه منصبه، عانى الرئيس جورج واشنطن (Georges Washington) من أعراض مرضية خطيرة بعد مضي شهرين فقط على تقلده لمنصبه. وقد شخّص الأطباء حينها إصابة واشنطن بورم خبيث استوجب تدخلا جراحيا، وأجبر الرئيس على النوم 6 أسابيع على الجانب الأيمن من جسده. وخلال العام الثاني من فترته الرئاسية، أصيب واشنطن بإنفلونزا حادة أضرت ببصره وسمعه. وعقب نجاته من هذا المرض، تحدث واشنطن لمرافقيه عن معاناته من وعكتين صحيتين بعامين، مؤكدا أن الثالثة سترسله للنوم بالمقبرة قرب أجداده.
ورم سرطاني للرئيس كليفلاند
وعام 1893، واجه الرئيس جروفر كليفلاند (Grover Cleveland) أثناء فترته الرئاسية الثانية أزمة صحية خطيرة تطلبت تدخلا طبيا عاجلا لاستئصال ورم سرطاني عند مستوى فمه. ولتجنب الصحافيين والأخبار التي قد تتناقلها عليه الصحف، خضع كليفلاند لهذه الجراحة بيخت أحد أصدقائه عند منطقة لونغ آيلند ساوند (Long Island Sound). وأثناء هذا التدخل الجراحي، اضطر الأطباء لاستئصال ربع الحنك العلوي بفم الرئيس الذي عاد لاحقا وباشر مهامه عقب تماثله للشفاء.
المشاكل الصحية للرئيس ولسن
وعقب نهاية الحرب العالمية الأولى، مر الرئيس الأميركي وودرو ولسن (Woodrow Wilson) بفترة صعبة حيث التقط الأخير عدوى الإنفلونزا الإسبانية أثناء حضوره مؤتمر السلام العالمي بباريس مطلع العام 1919. وطيلة فترة إصابته بهذه الجائحة التي قتلت 50 مليون شخص، أخفى المسؤولون تقارير مرض الرئيس، وتحدثوا فقط عن تعرض ولسن لوعكة صحية خفيفة وإصابته بنزلة برد بسبب الطقس البارد بباريس.
وعلى الرغم من نجاته من الإنفلونزا الإسبانية، تعرض ولسن عام 1919 لعدد من الأزمات الصحية الخطيرة الأخرى تمثلت في مشاكل بالقلب وسكتة دماغية. وأمام هذا الوضع، اقترح البعض تولي توماس مارشال (Thomas Marshall)، نائب الرئيس حينها، مهام الرئاسة إلا أن ذلك اصطدم برفض قاطع من زوجة الرئيس وطبيبه الخاص.
روزفلت وشلل الأطفال
على الرغم من نجاته من الإنفلونزا الإسبانية التي أصيب بها عام 1919، عانى الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت، الذي فاز بأربعة دورات انتخابية متتالية، من ويلات مرض شلل الأطفال فاضطر مرات عدة لاستخدام الكرسي المتحرك للتنقل. ولتجنب إظهار الرئيس بمظهر الرجل الضعيف المقعد أمام العامة، استعان روزفلت بعصا أو بأحد مساعديه أثناء تنقله أمام المواطنين كما منعت الصحافة من التقاط ونشر صور له أثناء المشي وتكفل جهاز الخدمة السرية بتأمين ذلك.
الأزمات الصحية لأيزنهاور
أثناء فترته الرئاسية، عانى دوايت أيزنهاور (Dwight D. Eisenhower) من أزمة قلبية وخضع لجراحة بعد تأكيد إصابته بداء كرون (Crohn's disease). وخوفا من عدم قدرته على مواصلة مهامه، كتب أيزنهاور رسالة لنائبه ريتشارد نيكسون دعاه من خلالها لتقييم حالته الصحية واستلام الرئاسة بدلا منه في حال عدم قدرته على مزاولة مهامه.
إلى ذلك، لم تأخذ هذه الرسالة بعين الاعتبار بسبب افتقارها لطابع قانوني ليستلم نيكسون بذلك مهام الرئيس بشكل مؤقت وخلال فترات متقطعة تواجد أثناءها أيزنهاور بالمستشفى.
رونالد ريغان وجورج بوش
ولأول مرة بتاريخ البلاد، استخدم التعديل الدستوري الخامس والعشرون خلال عهد الرئيس رونالد ريغان (Ronald Reagan). في يوم 13 تموز/يوليو 1985، حصل جورج بوش الأب على مهام الرئيس بشكل مؤقت عقب خضوغ ريغان لجراحة دقيقة بسبب إصابته بسرطان القولون. وقد استلم بوش مهام الرئيس طيلة الفترة التي كان خلالها ريغان تحت تأثير التخديم الكامل للجسم. لاحقا، راسل ريغان الكونغرس واستعاد مهامه مجددا.
أيضا، لجأ الرئيس الأميركي جورج بوش الابن مرتين لهذا الإجراء ما بين عامي 2002 و2007 فأوكل مهام الرئيس مؤقتا لنائبه ديك تشيني عقب تخديره أثناء خضوعه لتنظير القولون.