أثناء عشرينيات القرن الماضي، اتجهت العديد من الشخصيات الألمانية المرموقة للوقوف في وجه القائد النازي أدولف هتلر لمنعه من بلوغ سدة الحكم ووضع حد للصعود السريع لحزبه الذي ما لبث أن حصل على الأغلبية بالبرلمان الألماني المعروف بالرايخستاغ.
وإضافة للمحاولات التي قادها الرئيس باول فون هيندنبورغ بدعم من سياسيين بارزين ككورت فون شلايشر (Kurt von Schleicher)، يذكر التاريخ شخصيات من داخل الحزب النازي، كإرنست روم (Ernst Röhm) قائد كتيبة العاصفة والسياسي البارز بالحزب النازي غريغور شتراسر (Gregor Strasser)، عارضت قرارات أدولف هتلر وحاولت إقصائه من الحياة السياسية.
منصب هام بالحزب النازي
إلى ذلك، ولد غريغور شتراسر لعائلة كاثوليكية يوم 31 أيار/مايو عام 1892 بمنطقة غايزنفلد (Geisenfeld) الألمانية. وعقب التحاقه بمدرسة محلية اختص شتراسر ما بين عامي 1910 و1914 في مجال الصيدلة قبل أن يلتحق بالجيش الألماني تزامنا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى. وأثناء هذا النزاع العالمي، نال الأخير وسام الصليب الحديدي، كالعديد من أعضاء الحزب النازي لاحقا، لشجاعته على ساحة المعركة.
مع نهاية الحرب، ضلّ شتراسر عضوا بفيلق الفرايكوربس (Freikorps) قبل أن يلتحق بالحزب النازي أين أصبح قائدا هاما بقوات العاصفة. وما بين يومي 8 و9 تشرين الثاني/نوفمبر 1923، شارك الأخير بالإنقلاب الفاشل الذي قاده هتلر ببفاريا فسجن لأشهر قبل أن يحصل على حريّته خلال شهر أيار/مايو عام 1924. وبالحزب النازي، مثّل غريغور شتراسر أحد الأشخاص البارزين الذين ساهموا في استقطاب القائد المستقبلي لفرق الأس أس، المتورطة بشكل كبير في إدارة مراكز الإبادة، هاينريش هملر (Heinrich Himmler).
طرد من الحزب النازي
عام 1925، عيّن غريغور شتراسر مسؤولا عن الحزب النازي بشمال ألمانيا واتجه في الآن نفسه للإستيلاء رفقة شقيقه أوتو على احدى أهم الصحف الإشتراكية التي استغلها النازيون فيما بعد لأغراض دعائية.
وتماما كإرنست روم، مثّل غريغور شتراسر سياسيا إشتراكيا ملتزما بالراديكالية الاجتماعية وحمل في شخصه أفكارا معادية لسياسة أدولف هتلر واتجه مرارا للحديث عن إعادة تقسيم الثروات بألمانيا مثيرا بذلك غضب هتلر الذي أيّد كبار الصناعيين بالبلاد من أمثال إيميل كيردوف (Emil Kirdorf).
خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1932، استدعى الرئيس الألماني بأول فون هيندنبورغ السياسي كورت فون شلايشر، المعارض للنازيين، ودعاه لقبول منصب المستشار. وأملا في خلق الفرقة بالحزب النازي، عرض فون شلايشر على غريغور شتراسر تولي منصب نائب المستشار المصنّف كثالث أهم منصب سياسي بألمانيا.
إلى ذلك، تفطّن هتلر لهذه المكيدة. وأمام هذا الوضع، أمر الأخير، رفقة هرمان غورينغ، بعقد اجتماع طارئ ضم كبار المسؤولين النازيين اتفق خلاله الجميع على الإلتفاف حول أدولف هتلر وإقصاء غريغور شتراسر من الحزب النازي. ومع طرده من الحزب، عاد شتراسر للعمل بأحد مصانع الكيمياء.
مع اعتلائه لسدة الحكم وحصوله على كامل الصلاحيات عام 1934، قاد أدولف هتلر عملية السكاكين الطويلة للتخلص من جميع معارضيه السياسيين. وأثناء هذه العملية، اعتقل شتراسر بمنزله واقتيد نحو السجن أين تعرض للضرب وتوفي بسبب نزيف حاد بزنزانته.