طيلة فترة حكمه للاتحاد السوفيتي التي استمرت لأكثر من ربع قرن، تسبب جوزيف ستالين، الملقب بالرجل الحديدي، في وفاة عشرات ملايين الأشخاص، قتلت نسبة هامة منهم خلال فترة التطهير الأعظم بالثلاثينات عقب حادثة اغتيال سيرغي كيروف.
إلى ذلك، عانى ستالين أثناء فترة إدارته لشؤون الاتحاد السوفيتي من هوس المؤامرات والاغتيالات حيث آمن بوجود مؤامرات تحاك ضده في الخفاء. ولحماية نفسه من سيناريو الانقلابات، لم يتردد في التخلص من كل شخص تحوم حوله بعض الشكوك ولجأ أيضاً للاعتماد على أشخاص يشبهونه أثناء بعض المناسبات الرسمية.
فيليكس داداييف
وفيليكس داداييف (Felix Dadaev)، المولود عام 1920 بإحدى قرى داغستان، كان أحد أهم هؤلاء الذين أبدعوا في تعويض ستالين.
فبعد تجارب في مجالي الرهبنة وصناعة المجوهرات، وجد داداييف ضالته في الرقص. ومع انتقاله نحو غروزني، تلقى دروساً برقص الباليه قبل أن يتحول فيما بعد للعيش بمناطق أوكرانيا الحالية. وبفضل مهاراته، شارك داداييف بالعديد من العروض وتنقل بين كثير من مدن الاتحاد السوفيتي، جاذباً لنفسه إعجاب عدد هام من الشخصيات المرموقة بالحزب الشيوعي.
ومع بداية عملية غزو الاتحاد السوفيتي يوم 22 يونيو 1941، أجبر داداييف على الالتحاق بالجيش الأحمر وأرسل نحو الخطوط الأمامية لتقديم العروض للجنود أملاً في رفع روحهم المعنوية.
تصريح وفاة خاطئ
إلا أنه عام 1943، أصيب داداييف خلال هجوم للقوات الألمانية. وبسبب خطأ، صدر تصريح وفاة باسم فيليكس داداييف، الذي مازال على قيد الحياة، أرسل لعائلته التي حزنت كثيراً على رحيله.
ومع تسجيله كرجل ميت بالسجلات الرسمية، أبدت المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية، المعروفة أكثر بـ"إن كا فيه ديه" (NKVD)، اهتمامها بفيليكس داداييف الذي تشابه شكله كثيراً بشكل الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين.
فبحسب تقارير تلك الفترة، امتلك داداييف نفس طول ستالين كما تشابه شكل وجهه بشكل وجه ستالين. واعتبر بذلك الشخص المثالي القادر على تعويض القائد السوفيتي بالمناطق الخطيرة.
تدريب دقيق
ولجعله الرجل المثالي لهذه المهمة التي اقتصرت أساساً على تلقي رصاصة بدلاً من ستالين الحقيقي في صورة وجود محاولة اغتيال، أجبر مسؤولو المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية داداييف على زيادة وزنه بأحد عشر كيلوغراماً، كما عمدوا لصبغ أسنانه وجعلها مصفرة لتكون شبيهة بأسنان ستالين الذي استهلك كمية هامة من السجائر والقهوة يومياً.
وقبل أن يصبح رسمياً معوضاً للقائد السوفيتي، تلقى داداييف تدريباً دقيقاً تعلّم من خلاله تقليد جميع حركات ستالين وطريقة مشيه. عمد أيضاً لاستخدام كميات هامة من مواد التجميل ليجعل لون بشرته شبيها بلون بشرة ستالين الذي عانى من طفح جلدي رافقه منذ طفولته.
لم يقابله سوى مرة
كذلك اضطر داداييف، طيلة السنوات التالية، لحضور العديد من مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفيتي ومتابعة عدد هام من الاستعراضات العسكرية بالساحة الحمراء متقمصاً شخصية ستالين. وعلى مدار حياته، لم يقابل هذا الرجل الداغستاني ستالين الحقيقي سوى مرة واحدة وتحدث معه لفترة لم تتجاوز الخمس دقائق.
ومع وفاة ستالين عام 1953، عاد داداييف لحياته الطبيعية وقد ظل عمله أثناء الحقبة الستالينية سراً حيث لم توافق السلطات الروسية على كشفه سوى عام 1996.