أعلنت وكالات الأنباء الروسية، السبت، وفاة العميل البريطاني المزدوج، جورج بليك، الذي كان يتجسس لصالح الاستخبارات السوفيتية في الخمسينيات، عن عمر ناهز 98 عاماً. وبذلك تُطوى صفحة آخر الجواسيس البريطانيين الذين شكّل عملهم السري لصالح الاتحاد السوفيتي إهانة لمؤسسة المخابرات البريطانية في أوج الحرب الباردة.
وقال الناطق باسم جهاز المخابرات الخارجية الروسي، سيرغي إيفانوف، لوكالة "تاس" للأنباء: "غادرنا عنصر المخابرات الأسطوري.. جورج بليك. لقد أحب بلدنا بصدق، وكان معجباً بإنجازات شعبنا خلال الحرب العالمية الثانية".
كذلك نشر الكرملين رسالة عزاء قال فيها الرئيس، فلاديمير بوتين إن بليك كان محترفاً يتحلى بقدر خاص من النشاط والشجاعة وإن إسهاماته من أجل التكافؤ والسلام في العالم لا تقدر بثمن. وأضاف: "ستظل ذكرى هذه الشخصية الأسطورية حية في قلوبنا".
وُلد بليك في روتردام بهولندا عام 1922 لأم هولندية وأب مصري يهودي، حصل على الجنسية البريطانية، حسب وكالة "رويترز". وفر من هولندا خلال الحرب العالمية الثانية قبل أن يلتحق بالمقاومة الهولندية كناقل رسائل ويصل إلى بريطانيا في يناير عام 1943. والتحق بليك آنذاك بالبحرية البريطانية وبدأ بالعمل مع جهاز المخابرات البريطاني "إم. آي6" عام 1944. وقرر بليك أن يقدّم خدماته إلى السوفيت خلال الخمسينيات بعدما شهد على قصف الأميركيين للمدنيين في كوريا، حسب وكالة "فرانس برس".
وتقول بريطانيا إن الجاسوس السابق كشف هوية المئات من العملاء الغربيين في أوروبا الشرقية خلال فترة الخمسينيات، وإن بعضهم كان مصيره الإعدام نتيجة لخيانة بليك، حسب "رويترز". كما كشف بليك للروس وجود نفق سري في برلين الشرقية، كان يستخدم للتجسس على السوفيت.
وكُشف عن كون بليك جاسوساً للسوفيت عام 1961، وحُكم عليه بالسجن لمدة 42 عاماً في لندن. لكنه هرب عام 1966 بواسطة سلّم من الحبال وبمساعدة سجناء آخرين واثنين من نشطاء السلام، وجرى تهريبه إلى خارج بريطانيا في شاحنة صغيرة، ليقطع أوروبا الغربية في الخفاء ويعبر الستار الحديدي إلى برلين الشرقية. ومن جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) انتقل بليك ليستقرّ في نهاية المطاف شرقاً في الاتحاد السوفيتي.
وتعتبره موسكو بطلاً وقُلّد برتبة كولونيل في الاستخبارات الروسية. وعلى الرغم من انهيار الاتحاد السوفيتي الذي كرّس بليك حياته من أجله، لم يندم الجاسوس قطّ على أفعاله. وكان بليك آخر من بقي على قيد الحياة من جيل الجواسيس البريطانيين الذين نجح الاتحاد السوفيتي بتجنيدهم لصالحه خلال الحرب الباردة.