فيصل سلطان ومها عزيزة سلطان ثنائي يعيش بين مدينتين وبيتين ومراحل مختلفة من التاريخ في مستواه التشكيلي، اهتمت مها في البحث الفني وتاريخه وعمقته دراسة عبر تخصصها في هذا المجال، ولها في هذا الميدان عشرات الأبحاث والكتب الفردية والمشاركة في موسوعات توثق للتجارب التشكيلية اللبنانية والعربية.
كما حال زوجها فيصل سلطان الذي توزع ما بين الكتابة النقدية والرسم والعمل الأكاديمي، هي أيضا وزعت حياتها على البحث وعلى العمل الأكاديمي والشعر، ولها فيه محاولتان: "تسابيح المياه" و"وردة المتاهة" وهي مجموعة نصوص عن بيروت وجروحها.
بدأ أحمد علي الزين حواره مع الناقدة التشكيلية مها عزيزة سلطان التي تحدثت في بداية اللقاء عن بيروت، فقالت إن حبها لتك المدينة خُلق معها ومتأصل فيها وإنها وجدت ضالتها في بيروت، وتشعر بأنها المتنفس والحلم، بالرغم أنها في الأصل تنتمي لمدينة طرابلس.
ثم أكمل زوجها التشكيلي والباحث الدكتور فيصل سلطان الحديث عن بيروت قبل الحرب الأهلية وبعدها قائلا إن بيروت كانت هي الرئة التي يتنفس منها المثقفون والفنانون والمنتجون قبل عام 1975 ، وبأن الرسامين التشكيليين كانوا يرسمون جمال بيروت وروحها، أما بعد عام 1975 أصبحوا يرسمون الدمار والخراب الذي هو ليس دمارا للشوارع والمباني فقط بل هي كانت دمار لأرواحهم.
وانتقل إلى مها سلطان التي تناولت للحديث عن الحياة ومشاغلها ومتطلباتها ذاكرة بأن ما كانت تود العمل فيه شيء ومتطلبات الحياة أرادت شيئا آخر فمستلزمات الحياة ومطالبها أجبرتها عن الانشغال عن كتابة الشعر، ثم أكمل زوجها فيصل سلطان الحديث عن نفس الموضوع مضيفا أن الإنسان يحتاج مصادر عيش أكثر من مجرد مصادر إنتاج، ثم قال إن الفنان اللبناني ينتج الفن والثقافة بالرغم من وجود الكوارث والمصائب، وقال أيضا بأن وجود الثقافة هي ردة فعل على كل الكوارث التي تحدث وإن الحروب صقلت مواهب الفنانين والمثقفين، وأضاف فيصل أن بيروت كانت هي المختبر الفعلي للفن التشكيلي العربي وبأنها أعادت تجميع الفكر الفني بعد الهزيمة العربية في سنة 1967 فقد كانت المركز الإعلامي الأساسي العربي في أواخر الستينات.
وتناولت الفنون المعاصرة وتحولاتها فوصفتها بأنها أحدثت تحولات غريبة على الفنون عند الشرق، فتلك التحولات لم تحدث تدريجيا كما حدثت عند الغرب، وأضافت بأن الغرب هم من أدخلوا الفنون المعاصرة علينا، وبأن دول الخليج العربي تبوأت الصدارة في الفنون المعاصرة مثلما حدث في معرض "بينالي" الشارقة السنوي، وختمت حديثها قائلة بأن "مصر" هي أول من بدأت بفنون الحداثة.
ثم اتجه مقدم البرنامج إلى فيصل سلطان ليتحدث مجددا عن بيروت في أواخر الستينات ذاكرا بأن دار الفن والأدب كان يجمع جميع أنواع المثقفين والمفكرين والفنانين والمنتجين والسياسيين أيضا وهذا التجمع كان مميزا جدا.
وفي آخر الحوار تحدث فيصل سلطان مرة أخرى عن "بينالي" الشارقة قائلا إن فترة من الفترات كان للمعرض وزن للحياة الفكرية، وبأنه كان يستقطب كبار الفنانين والنقاد والباحثين من جميع أنحاء العالم ويكرمهم، فقد كان للمعرض دورا حاسما في مجال الثقافة والفنون، ثم ختم حديثه عن الفنانين والفرص التي ينالونها، واصفا بأن هناك فنانين مبتدئين أو غير معروفين يحالفهم الحظ للانطلاق بفنهم بالمشاركة بالمعارض التشكيلة في أنحاء العالم، وفي جهة أخرى هناك فنانين كبار وقدماء ومتمكين لم يحالفهم الحظ للاشتراك في المعارض العالمية أو للانطلاق "بصورة عامة"، فقد ظلموا من هذه الناحية، وأضاف بأن هناك عوامل هي السبب في ذلك، منها الحظ والتجارة الفنية والعلاقات العامة ، فكلها تؤثر على الفنان.