منذ 500 عام تماما، وفي 27 إبريل 1521 بالتحديد، قضى المستكشف البرتغالي- الإسباني فرناندو ماجلان، قتيلا بعمر 41 سنة في بلاد تبعد أكثر من 12 ألف كيلومتر عن حيث ولد لأبوين من نبلاء بلدة في الشمال البرتغالي، لا يزال اسمها Sabrosa حتى الآن.
البحار الذي ولد في 1480 وحصل على الجنسية الإسبانية بعد بدء عمله في الإبحار خدمة للملك الإسباني كارلوس السادس، هو أول من قام برحلة استكشافية حول الأرض، عانى خلالها من المجهول في متاهات مائية لم يبحر فيها قبله أي إنسان، فشق بخمس سفن ممرات ومضائق صعبة وشائكة، حين دار بدءا من 1519 حول معظم أميركا الجنوبية ليعبر المحيط الأطلسي إلى الهادي، وليصل بعدها إلى دول ومناطق لم يكن أحد من خارجها البعيد يعلم بوجودها.
في تلك الرحلة التي رافقه فيها 270 بحارا وطالت 3 سنوات، ونجد الكثير من المعلومات عنها في الفيديو الذي تعرضه "العربية.نت" أعلاه، عبّد ماجلان الذي يحيون اليوم وغدا ذكرى مرور 5 قرون على مقتله في "معركة ماكتان" بالفلبين، أكثر من طريق وقهر المسافات وصهرها وكسر الحواجز في عولمة حقيقية، بدأت في إبحاره بحثا عن طريق غير التي تسيطر عليها البرتغال إلى مناطق التوابل في الجزر الإندونيسية وجيرانها.
ومع أنه لم يتمكن من إكمال الرحلة، وفقد حياته في منتصفها تقريبا، إلا أن من كانوا معه أكملوها بصعوبة بالغة، إلى درجة أن من عاد منهم حيا في 1522 إلى إسبانيا، كانوا 18 فقط، قادهم البحار "خوان سباستيان الكانو" على السفينة الأم، وكان اسمها ترينداد.
أما المعركة التي فقد فيها حياته، فنشبت في جزيرة Mactan الفلبينية الصغيرة، والبعيدة كيلومترات قليلة عن جزيرة سيبو، حيث اشتبك ماجلان مع قبائلها المحلية، ممن كان يقودهم Lapulapu حاكم "ماكتان" الفلبيني المسلم، والسبب أن ماجلان أراد تنصيره لاعتناق المسيحية وتنصير سكان الجزيرة وإخضاعهم لدفع جزية للتاج الإسباني، تماما كما فعل مع سكان جزيرة سيبو وحاكمها، فرفض "لابولابو" محاولة التنصير ودفع الجزية وأعلن العصيان.
تحوّل "لابولابو" إلى أسطورة
وأقبل إليه ماجلان صباح 27 إبريل 1522 بأسلحة متطورة، مع عدد قليل من الرجال لا يزيد عن 200 على الأكثر، فتصدى له "لابولابو" بأكثر من 1500 مقاتل من قبائل الجزيرة وغيرها من جزر الجوار، ممن تعرف بعضهم إلى ماجلان أثناء المعركة التي بدأت محتدمة من أول لحظة، لذلك ركزوا رمي سهامهم عليه، حتى أصابه أحدهم بواحد مسموم، قتله صريعا بأرض معركة لم يكن يتصور أنها ستقع، وفقا لما يمكن استنتاجه من تفاصيلها المتوافرة "أونلاين" بعدد من اللغات.
بعد تلك المعركة، تحول "لابولابو" إلى أسطورة فلبينية، بدأت بجعله بطلا قوميا للفلبينيين، فنصبوا له تماثيل تكريمية عدة في بعض الجزر، وأطلقوا اسمه على مدينة، كما على نوع محلي من السمك، بحسب ما ألمت به "العربية.نت" من سيرته المتضمنة أنهم أنتجوا فيلما سينمائيا عنوانه "لابولابو" ويحكي قصته. كما غنوا عنه الأغنيات والأناشيد، ونظموا مهرجانا عن معركته لا يزال سنويا للآن، ويعيدون فيه تمثيل مجرياتها.
أما 27 إبريل، فجعلوه عيدا وطنيا كل عام، ثم تطورت الأمور إلى نسج أساطير مختلفة عن "لابو" منها أنه غادر الجزيرة بعد المعركة مباشرة، وعاش في أحد الجبال، ويبدو أنه لا يزال يعيش فيه للآن، بحسب ما يروّجون. كما أصدروا عنه طوابع، وجعلوا رسمه على العملة الوطنية في إحدى المراحل.
ورد الإسبان وغيرهم في أوروبا وخارجها، فنصبوا لماجلان تماثيل تكريمية كثيرة، ووضعوا رسمه على الطوابع. كما أطلقوا اسمه على ساحات وشوارع ومدارس، بل وعلى سحابة غاز عملاقة في جوف الكون، هي Magellanic Clouds البعيدة 138 ألف سنة ضوئية عن الأرض، وهي الرابعة مساحة في مجموعتها، فقطرها يزيد عن 38 ألفا من السنين الضوئية.