سد الألف عام.. انهار بالصين بعد 20 سنة وقتل 240 ألفاً

خلال القرن العشرين، مرت الصين بالعديد من الكوارث التي خلّفت أعداداً هائلة من الضحايا، منها الفيضانات والمجاعة الكبرى بين عامي 1959 و1961 التي قتلت لوحدها أكثر من 15 مليون شخص.

وشهدت الصين عام 1975 كارثة أخرى عقب انهيار سد بانكياو (Banqiao) الذي شيّد عند نهر رو (Ru) بإقليم خنان (Henan) بموافقة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ (Mao Zedong) .

تجاهل للتحذيرات

وبعد عامين فقط عن إعلان قيام جمهورية الصين الشعبية، باشرت السلطات الصينية عام 1951 بعملية إنشاء 3 سدود، كان من ضمنها سد بانكياو، قرب منطقة زومديان (Zhumadian) بإقليم خنان.

فقد اعتمدت الصين لإنجاز هذا المشروع العملاق، على مهندسين سوفيت غير مؤهلين للتعامل مع المناخ والجغرافيا الصينية، بالإضافة إلى يد عاملة صينية افتقرت للخبرة بمجال تشييد السدود.

وأثناء فترة العمل على انجاز مشروع الخزانات، ركّز المهندسون السوفيت على عامل كميات المياه المخزّنة وأهملوا معايير السلامة والقدرة على مجابهة الفيضانات.

وعقب انتهاء أشغال بناء الخزانات عام 1953، عاد الخبراء السوفيت مجدداً للموقع ما بين عامي 1955 و1956 لمباشرة اشغال تدعيم مواقع الخزانات حسب معايير سوفيتية متجاهلين بذلك فارق المناخ والتساقطات بين بلادهم والصين.

"القفزة العظيمة"

من ناحية ثانية، تسبب برنامج "القفزة العظيمة للأمام" الذي أطلقته الصين الشعبية بقيادة ماو تسي تونغ عام 1958 في إلحاق اضرار جسيمة بمنطقة زومديان.

فخلال تلك الفترة، اتجه المسؤولون الصينيون لاستخراج كميات كبيرة من الحديد واعتمدوا نظاما فلاحيا أضر كثيرا بالنظام البيئي للمنطقة وأسفر عن إتلاف أعداد هائلة من الأشجار.

وبناء على العديد من الخبراء، لعب كل ذلك دورا هاما في زيادة معاناة أهالي المنطقة عقب انهيار السد.

في غضون ذلك، اتخذ المهندس الصيني تشن شينغ (Chen Xing) خطوة جريئة واتجه لتحذير سلطات بلاده، معتمداً على قرائن علمية، حول خطورة تشييد سدود بهذه الطريقة قرب زومديان.

كما أكد على طبيعة المناخ بالمنطقة ومطالباً بالتركيز على سلامة السدود بدلاً من طاقة استيعاب الخزانات التي قد لا تصمد أمام الفيضانات.

إلى ذلك، رفضت السلطات الصينية تصريحات تشن شينغ واتهمته بتعطيل مسار الثورة الصينية قبل أن تلجأ لتسريحه من العمل ونفيه نحو منطقة نائية داخل البلاد.

سد الألف عام

ومع انتهاء أشغال بناءه، قدّر ارتفاع سد بانكياو بنحو 387 قدماً وامتلك قدرة تخزين بلغت 17.4 مليار قدم مكعب من المياه. ومع إتمام المشروع، استغل المسؤولون الصينيون الأمر لأغراض دعائية ووصفوه بالسد الذي سيصمد ألف عام.

إلى ذلك، لم يصمد سد الألف عام سوى عقدين فقط. فمطلع شهر آب/أغسطس 1975، حلّ إعصار نينا (Nina) بالصين ليخلف نتائج كارثية بسبب الفيضانات التي رافقته وسوء عمليات التواصل بين المسؤولين الصينيين وغياب قواعد السلامة.

وتزامنا مع ارتفاع منسوب المياه بالخزان يوم 6 آب/أغسطس 1975، طالب العاملون بسد بانكياو بفتح السد لتقليص حدة الضغط عليه. ومبدئيا، رفضت السلطات الصينية الأمر قبل أن ترسل تلغراما، للعاملين بالسد، خلال اليوم التالي لفتحه.

في الأثناء، فشل التلغرام في بلوغ العاملين بالسد. وخلال الساعات الأولى ليوم 8 آب/أغسطس 1975، انهار سد بانكياو، عقب ارتفاع منسوب المياه به، متسببا في كارثة حيث ظهرت موجات مياه عالية دمرت جميع القرى القريبة.

وقد ألحقت الكارثة أضرارا بأكثر من 10 ملايين شخص ودمرت ملايين المنازل كما أحصت البلاد خلال الفترة التالية 240 ألف قتيل فارقوا الحياة إما بسبب موجات المياه العالية أو بسبب المجاعة والأوبئة التي خلفها انهيار السد.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: