منذ أول ذكر لها بالوثائق الرسمية خلال القرن الثامن، حظيت مدينة إرفورت (Erfurt) بتاريخ حافل مليء بالأحداث الهامة التي أثرت بشكل هام على مستقبل المنطقة. وتحتضن مدينة إرفورت واحدة من أقدم الجامعات بألمانيا حيث نشأت جامعة إرفورت عام 1379 واستقبلت بصفوفها مطلع القرن السادس عشر الراهب والقسيس مارتن لوثر (Martin Luther) مطلق عصر الإصلاح بأوروبا.
وخلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 1808، احتضنت إرفورت المؤتمر التاريخي بين الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت ونظيره الروسي ألكسندر الأول. وخلال هذا اللقاء، تصدّعت العلاقة بين الفرنسيين والروس بعد مضي نحو عام عن سلام تيلسيت (Tilsit) حيث رفض الوفد الروسي الخضوع لمطالب نابليون وتنكر لجانب هام مما تم الاتفاق عليه سابقا بين الروس والفرنسيين.
وخلال القرن الثاني عشر، ضربت إرفورت موعدا آخر مع التاريخ عن طريق مؤتمر سلام غريب جمع بين عدد من النبلاء ومالكي الأراضي بكنيسة القديس بطرس. وقد انتهى هذا المؤتمر بكارثة أسفرت عن وفاة العشرات غرقا في الفضلات.
أزمة بين منطقتين وتدخل الملك
وتعود أطوار هذه الحادثة للعقد الثامن من القرن الثاني عشر. فخلال تلك الفترة التي كانت فيها إرفورت تحت سلطة ملك الجرمان والإمبراطور الروماني المقدس المستقبلي المنحدر من سلالة هوهنشتاوفن (Hohenstaufen) هنري السادس (Henry VI)، نشب خلاف حاد بين لويس الثالث (Louis III) حاكم منطقة تورينغيا (Thuringia) وكونراد الأول (Conrad I) رئيس أساقفة ماينز (Mainz) حول ملكية عدد من الأراضي.
وأملا في تجنّب اندلاع حرب بين الطرفين، حاول الملك هنري السادس التدخل لإنهاء النزاع فدعا الطرفين لمؤتمر يعقد بكنيسة القديس بطرس بمدينة إرفورت أواخر شهر تموز/يوليو 1184.
وأثناء تنقله نحو هذه المنطقة، استدعى هنري السادس في طريقه العديد من نبلاء المناطق المجاورة لحضور مؤتمر السلام مؤكدا على دورهم في تهدئة الوضع عن طريق اعتمادهم كوسطاء لحل الخلاف.
العشرات غرقوا في الفضلات
يوم 26 تموز/يوليو 1184، تجمهر عدد هائل من الحاضرين داخل كنيسة القديس بطرس التي لم تكن مهيأة لاستقبال عدد كبير من الأشخاص داخلها.
ومع بداية المؤتمر، انهارت أرضية الكنيسة ليقع الحاضرون بغرفة المراحيض التي كانت موجودة بالأسفل. وبينما نجا البعض بفضل سقوطهم على أرضية غرفة المراحيض، حظي آخرون بحظ سيئ فوقعوا بالبالوعة المليئة بالفضلات ليغرقوا بها.
خلال حادثة كنيسة القديس بطرس بإرفورت، توفي ما بين 60 و100 شخص فارق جلّهم الحياة غرقا بالبالوعة. إلى ذلك، نجا كل من الملك هنري السادس ولويس الثالث وكونراد الأول من هذه الكارثة وتعرضوا لإصابات طفيفة فقط. وفي المقابل، قتل عدد كبير من النبلاء وعلى رأسهم غوزمار الثالث (Gozmar III) كونت هسن (Hesse).