شابة يمنية للعربية.نت: هكذا اقتحمت مهنة يحتكرها الرجال

تنهض المرأة اليمنية من فوق ركام الحروب، لتضرب للعالم قصة تحد بطلتها الشابة لولة القباطي التي تمثل ملايين من اليمنيات اللواتي لم يستسلمن أمام لهيب المعاناة وضربات القهر المتلاحقة، ولم يقفن مكتوفات الأيدي حيال تفشي الفقر الذي يواصل حصد ضحاياه كل يوم في مختلف أجزاء اليمن الحزين، فقد قررت لولة أن تقتحم مهنة صعبة كانت حكراً على الرجال، لتعمل مدربة قيادات السيارات للنساء، في مدينة تعز اليمنية التي مزقتها الصراعات، وأنهكها الحصار على مدى 5 سنوات متلاحقة، لتكسر قوالب العادات وأصفاد التقاليد المجتمعية، متحدية قهر الظروف الاقتصادية التي صادرت أبسط فرص المعيشة لسد الرمق.

تحدي سلطة المجتمع من أجل طلب الرزق

إلى ذلك تؤكد لولة أن مهنة قيادة السيارة ليست مهمة سهلة أمام النساء، فهي مشحونة بالمضايقات، لا تخلو من بعض التصادمات مع سلطة المجتمع وسطوته الذكورية، إلا ان لولة تتجاهل تلك المنغصات اليومية من أجل تأمين مصدر دخل يساعدها في تغطية احتياجات أسرتها، وفي نفس الوقت تخدم من خلالها، الراغبات بالتدريب وتعلم قيادة السيارة، التي باتت تشكل بالنسبة للكثيرات ضرورة ملحة لطلب الرزق.

مبادرة مجتمعية لإيصال الطالبات لجامعتهن وإسعاف المسنات للمشافي

تقول لولة في حديثها ل"العربية.نت" إنها تطوعت في إيصال الطالبات إلى الجامعات والنساء المسنات إلى المستشفيات عبر سيارتها الخاصة، من دون أن تخفي إن هناك بعض النساء كنّ يخشين من الصعود معها من باب الحذر وخشية التعرض للاختطاف، لكنهن سرعان ما بدأن يستجبن مع مرور الأيام لخدماتها التطوعية بعد أن صارت سياراتها مألوفة ومتاحة لجميع سكان المدينة التي يسكنها قرابة 3 ملايين نسمة.

الحصار المطبق دفع النساء للبحث عن مصدر دخل جديد

لولة تصنف كونها أول امرأة تقتحم مهنة صعبة محتكرة من قبل الرجال في مدينة تعز، التي توصف بأنها العاصمة الثقافية لليمن، وتضيف:" لجأت إلى هذه المهنة ليس ترفاً لكنها الحاجة دفعتني لتأمين مصدر رزق لي ولأسرتي في وقت تشهد فيه المدينة أبشع أشكال الحصار نتيجة استمرار الحرب وغلاء المعيشة وتدهور الأوضاع الاقتصادية وانقطاع الرواتب". وتستأنف قائلة:" نظراً لامتلاكي سيارة، قررت الانتفاع بها واستثمارها في تقديم خدمة مجتمعية للكثيرات من الفتيات الراغبات في تعلم القيادة، إلى جانب توفير متطلبات بناتي وسد احتياجاتهن في مصاريف العيش والتعليم".

مضايقات وتحديات للمتدربات وهكذا تجاوزن نظرة المجتمع النمطية

لم تكن مهنة تعليم قيادة السيارة وفق لولة ب المهمة السهلة، فقد رافقتها كثير من الصعوبات والمشقة نتيجة عدم تقبل المجتمع بهذه الفكرة، فضلاً عن مشكلات أخرى تتعلق بمضايقات الشباب وإزعاج أصحاب الباصات، وكذلك وعورة الطرقات وضيق المنطقة كونها محصورة بين مستشفى الثورة بالمدينة إلى حي بير باشا، لهذا فإن حرية الحركة محدودة في أماكن محددة ذلك أن المدينة برمتها الرابضة على سفح جبل صبر البالغ ارتفاعه نحو 3000 متر. والتي تبعد عن العاصمة صنعاء 256 كم، لا تزال منذ 5 سنوات جاثمة تحت رحمة الحصار الخانق، وتضيف :"لم نستسلم أمام تلك المنغصات، بل على العكس تماماً فإن وجع الحرب جعلت الكثير من النساء في المدينة يقبلن على تعلم السياقة، واستطعن جميعهن بإصرارهن وعزيمتهن من تجاوز نظرة المجتمع النمطية".

من لقب ربة بيت إلى عاملة في زمن الحرب

وتقول لوله إن المرأة اليمنية تقدم أروع أمثلة بطولية في الكفاح المعيشي والتصدي للأزمات، ودائماً تكون في المقدمة لتأدية الأدوار والمبادرات ولا توفر أي فرصة سانحة أمامها لتعمل في أصعب المهن مهما كانت تتطلب مجهودات شاقة أو حتى ذات دخل محدود، فمنهن من اقتحمت مجالات لم يسبق لامرأة أن عملت بها، مثل التصوير الحربي، وبائعة في محال تجارية، ومهندسة بإصلاح تلفونات، مشيرة أن الحرب جعلت من المرأة في تعز، تشمر عن ساعديها دون أن تلقي بالاً لأحد، لتضيف لنفسها لقب عاملة إلى جانب كونها ربة بيت، وتثبت للعالم إنها ليست عالة، ولا تنتظر أي مساعدات إنسانية، وإنها قادرة على اجتراح معجزات والالتحاق في مهن شاقة تساعدها في إعالة أسرتها، وتجند جهدها لمقاومة مطارق الفقر وطواحين البطالة وغلاء المعيشة في زمن الحرب وتكالب النزاعات التي لم تخمد نارها بعد.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: