المعلم الارهابي الأول على تفخيخ العربات والسيارات وتفجيرها، مما ابتلى به لبنان والعراق عشرات المرات بشكل خاص، هو مهاجر ايطالي، تمر الأربعاء المقبل 100 عام على قيامه في 16 سبتمبر 1920 بتفخيخ وتفجير أول عربة في العالم، وبتفجيرها عند زاوية "شارع وول ستريت" الشهير في قلب حي المال والأعمال بمنهاتن في نيويورك، قتل 30 في الحال، وجرح وشوّه مئات، توفي 8 منهم متأثرين فيما بعد بارهاب دمّر مقر بنك JPMorgan Chase بالكامل، وتسبب في خسائر بلغت مليوني دولار، تعادل 26 مليونا بقوتها الشرائية هذه الأيام.
التحقيق بتفجير أول تفخيخ، مستمر في FBI للآن، وفيه مؤشرات الى أن واحدا من اثنين ايطاليين مهاجرين، ينتميان الى حركة "لاسلطوية" الطراز، أو Anarchism انجليزيا، كان العقل المدبر أو المنفذ على الأقل، لكن لا دليل ظهر شافيا بعد للغليل، طبقا لما ألمت به "العربية.نت" من اطلاعها على المنشور "أونلاين" مؤرشفا، وملخصه أن شخصا ما، قام بتحميل العربة التي جرها حصان، بأكثر من 230 كيلوغراما من سبكيات حديد مصبوب، وزعها بين ما يزيد عن 45 كيلوغراما من الديناميت، ثم قادها الى حيث فجّرها انتقاما وتشفيا.
ويشير التحقيق الى أن المفجّر تعمّد اختيار زاوية شارعين، بحيث يفر عبر أحدهما عند اشعاله للفتيل، ليتجنب بأبنيته الاصابة من التفجير الذي دوّى وسط حشد ممن يعجّ بهم الشارع عند خروجهم كل يوم لتناول طعام الغداء، ومعظمهم سماسرة وأمناء وموظفون وزبائن في بنوك ومؤسسات مالية وشركات، ومن المارة العاديين والباعة المتجولين، وعند الساعة 12 ظهرا من ذلك اليوم، شهدت نيويورك عجبا دمويا، نرى شيئا منه في الفيديو المعروض، وهو واحد من مقاطع عدة يمكن العثور عليها في YouTube المحتوي أيضا على أفلام وثائقية عن أول عربة مفخخة بالتاريخ، لكن لا شيء دائما عن المدبر والمنفذ بالتحديد، فهو مستمر طلسما ولغزا.
"ستجدون الموت من نصيبكم جميعا"
وظن المحققون في البداية، أن الانفجار كان حادثا عرضيا، وأن العربة كانت تنقل مواد متفجرة لاحدى الشركات، ثم قادهم التحقيق السريع الى أن ما حدث هو ارهاب شبيه بما أحدثته سلسلة تفجيرات ومحاولات تفجير في 1919 بنيويورك وغيرها، واشتبهوا أن من قام بها "أناركيون" مناصرون لمهاجر ايطالي اسمهLuigi Galleani طردته الولايات المتحدة الى ايطاليا بعد شكوك بأنه العقل المدبر لتلك التفجيرات، كما لتحريضه على من يعتبرهم "أعداء طبقيين" وفق تعبيره.
وأكثر ما أكد للشرطة مسؤولية "اللاسلطويين" عن التفجير، هي رسالة عثروا عليها في علبة بريد بالشارع الذي حدث فيه التفجير، وورد فيها تهديد ووعيد بأسلوب ما قل ودل: "تذكروا (ما نقول).. لن نتسامح بعد الآن. اطلقوا سراح السجناء السياسيين، أو ستجدون الموت من نصيبكم جميعا" وموقعة باسم American Anarchist Fighters أو "المقاتلون الأناركيون الأميركيون" وهم من كان يتزعمهم لويجي غالياني قبل ترحيله الى حيث توفي في 1931 بايطاليا.
مات ودفنوا السر معه تحت التراب
ثم كاد المحققون يتوصلون الى تأكيد، بأن مهاجرا ايطاليا، هو Mario Buda المعروف كواحد من "اللاسلطويين" قبل مغادرته نيويورك للعيش باسم مختلف في ايطاليا، بحسب ما قرأت "العربية.نت" في سيرته، هو الأكثر ترجيحا كمدبر ومنذ للتفجير، خصوصا أنه اعترف بمسؤوليته عنه لقريب له أبلغ الشرطة الايطالية فيما بعد، الا أن وفاته في 1963 بعمر 79 سنة، حالت دون التأكد تماما من مسؤوليته، لذلك بقي العقل المدبر مجهولا كالمنفذ تماما.. مات ودفنوا السر معه تحت التراب.
أما الدافع للتفجير، فقد يكون انتقاما لطرد غالياني الى ايطاليا، أو للمطالبة باطلاق سراح فيلسوف "اللاسلطوية" المهاجر في نيويورك Nicola Sacco كما ومواطنه المهاجر والموصوف أيضا بفيلسوف، وهو الايطالي Bartolomeo Vanzetti المعتقل معه بتهمة قتلهما في ابريل 1920 حارسا وموظف أجور، خلال سطو مسلح قاما به على شركة لصناعة الأحذية بولاية "ماساتشوستس" الأميركية، الا أن سلطاتها لم تخضع للتهديد، وأبقتهما سجينين حتى اعدمتهما في 1927 جلوسا الواحد بعد الآخر على الكرسي الكهربائي.