تعمل شركة مزارع البحر الأحمر؛ وهي شركة تقنية زراعية ناشئة مقرها في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) السعودية، على تطوير محاصيل جديد تتحمل السقاية بمياه البحر المالحة. ويشمل ذلك زراعة الطماطم التي تربى لتتحمل الملوحة ما يتيح خفض كميات المياه العذبة اللازمة لزراعتها في المملكة العربية السعودية.
وتأسست شركة مزارع البحر الأحمر قبل عامين على يد الأستاذ الدكتور مارك تيستر؛ أستاذ علوم النبات في كاوست، وعالم الأبحاث الدكتور راين ليفرز، وهو مهندس زراعي في مختبر الملح في كاوست، وتهدف الشركة -المتخصصة في تقنية دفيئة المياه المالحة- إلى تلبية احتياجات الأمن الغذائي في السعودية؛ الدولة الغنية بمياه البحار المالحة؛ فتستبدل أغلب المياه العذبة في الزراعة بالمالحة، ما يقلل احتياجات المياه العذبة والطاقة إلى 10% فقط.
وقالت الشركة لمرصد المستقبل إنها «تقدم ابتكارات في مجال الزراعة المستدامة؛ إذ طورت أنظمة زراعية مستدامة تساعد على الحد من الانبعاثات الكربونية وترشد استهلاك الماء. وتمثل الطماطم الكرزية (طماطم صغيرة مستديرة) التي أنتجتها دفيئاتنا الزراعية الذكية أول منتجاتنا. وتوجد هذه الطماطم في متاجر عديدة في مدينة جدة الساحلية وغيرها.»
وأوضحت أنها تعمل «على تنويع منتجاتها، فتزرع حاليًا الخيار والفلفل وخضروات أخرى، وتمتاز جميع منتجاتنا بأنها غير معدلة وراثيًا وخالية من المبيدات الحشرية ومستدامة وذات جودة عالية.»
وتجرب الشركة، حاليًا، تقنية زراعة الهليون البحري والرجلة، وكذلك الفراولة لكن محصولها الرئيس هو الطماطم الكرزية، وتعمل على زيادة إنتاجها من الطماطم من ألف إلى أربعة آلاف كيلوجرام شهريًا.
تعمل شركة مزارع البحر الأحمر @redseafarms في #السعودية على إحداث نقلة نوعية في مجال #الزراعة من خلال إنشاء طرق جديدة تعتمد على مياه البحر المالحة، بما في ذلك زراعة الطماطم التي يتم تربيتها لتحمل الملوحة بشكل فعال وبالتالي تقليل كمية المياه العذبة اللازمة لزراعتها. pic.twitter.com/B03LgLDq4K
— KAUST Innovation (@KAUSTinnovation) July 19, 2020
الاستفادة من الابتكارات المشا
استفادت شركة مزارع البحر الأحمر «كثيرًا من الابتكارات والخبرات السابقة وبنت عليها»، مؤكدة على أنها أخذت «الجزء الذي يناسب أنظمتها من هذه الابتكارات ودمجتها مع ابتكاراتها كي تطور نظام زراعة فريد ومستدام.»
التقنيات المطبقة
وقالت الشركة، لمرصد المستقبل، إنها طورت، من الناحية الهندسية، دفيئات زراعية تعتمد على المياه المالحة ما يوفر 70 – 90 بالمئة من المياه العذبة و50 – 95 بالمئة من استهلاك الطاقة بالمقارنة مع الدفيئات الزراعية التقليدية، وأنها تستخدم دفيئات المياه المالحة بتقنيات فريدة للتحكم في درجات الحرارة تعتمد على المياه المالحة ومجففات السوائل وأنظمة التحكم الذكية التي تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة.
وأضافت «أما من ناحية المنتج النباتي، أحرزنا تقدمًا كبيرًا في تطوير طماطم مقاومة للملح وذات مذاق أفضل ومحتوى أعلى من فيتامين سي، ويمكن تخزينها لفتراتٍ أطول. وطورت الشركة هذه الطماطم من خلال تقنيات التطعيم والتهجين وهي غير معدلة وراثيًا.»
أهداف الابتكار
تتضمن استراتيجية شركة مزارع البحر الأحمر تطوير تقنيات مستدامة تساعد على توفير الأغذية بأسعارٍ مناسبة في البيئات الحارة التي تعاني من شح موارد المياه ما يوفر للناس منتجات غذائية محلية صحية ولذيذة.
التطبيقات المستقبلية
وأكدت الشركة على أنه «بالإضافة إلى التطبيقات في زراعة المحاصيل في الدفيئات الزراعية والمزارع الداخلية، فإن أنظمة التبريد التي طورناها يمكن استخدامها في مزارع الدجاج والأبقار جنبًا إلى جنب مع الوحدات التجارية والسكنية. وما زلنا في المراحل الأولى لاستكشاف هذه الأسواق، ونسعى في الوقت ذاته إلى الحفاظ على تركيزنا في الأنظمة الزراعية لإنتاج الخضروات والفواكه.»
الصعوبات
وذكرت الشركة إنها «واجهت تحديات عديدة خلال تأسيسها، واستغرق الجانب الإداري للعمليات التجارية وقتًا طويلًا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التباطؤ العالمي بسبب القيود التي فرضتها أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أوجدت تحدياتٍ أخرى. وعلى الرغم من ذلك، يمكننا النمو حاليًا بوتيرةٍ سريعة لأن العالم خرج من الإغلاق العام برغبةٍ قوية في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير الأغذية المحلية الصحية الطازجة.»
مصدر الفكرة
وقالت الشركة إن «لدى مؤسسيها؛ الأستاذ الدكتور مارك تيستر والدكتور راين ليفرز خبرةٌ واسعة؛ إذ عملا معًا لأكثر من 40 عامًا في مجال الأبحاث والابتكارات الزراعية، ولذ كان متوقعًا أن يجتمعا معًا لإنشاء منصةٍ تجارية جديدة هي شركة مزارع البحر الأحمر. واستلهما الفكرة من مهمتهما المشتركة لتحقيق الأمن الغذائي العالمي.»
وأضافت إنها «تهدف إلى إيجاد حلول مستدامة هجينة يمكن أن تقدم للمملكة العربية السعودية والأجزاء الأخرى من العالم التي تعاني من شح موارد المياه العذبة حلولًا زراعية جديدة تستخدم المياه المالحة والشمس كمدخلات أساسية.»
الطموحات المستقبلية
تتفق شركة مزارع البحر الأحمر مع الهدف المشترك لمؤسسيها؛ تيستر وليفرز؛ والمتمثل في تحقيق الأمن الغذائي العالمي، مؤكدة على أن تقنيتها المتطورة تساعد المجتمعات على زراعة الغذاء محليًا وبصورةٍ مستدامة. وقال المؤسس المشارك مارك تيستر إن الشركة تريد التأثير إيجابيًا على كثير من المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم، ماليًا وبيئيًا وغذائيًا.
وأكدت الشركة على أنه في رحلتها إلى تحقيق الأمن الغذائي العالمي، «طورت دفيئات زراعية جديدة ذات تقنية متطورة، بالإضافة إلى تعديل الدفيئات الزراعية الحالية باستخدام تقنيات التبريد بالمياه المالحة ونظام التحكم كورتكس التي تنتظر الشركة الحصول على براءة اختراعه.»
وأضافت إنها «تهدف إلى بناء أول دفيئة زراعية تعتمد على المياه المالحة وأنظمة المراقبة والتحكم عن بعد في دولة الإمارات العربية المتحدة»، وأوضحت أنها «تقدم حاليًا 10 منتجات مختلفة في المملكة العربية السعودية للمستهلكين المهتمين بالجوانب الصحة والبيئية والذين يرغبون في طعامٍ عالي الجودة لأسرهم».
مستقبل قطاع الزراعة باستخدام التقنية
وقالت الشركة إن «الزراعة تستهلك الجزء الأكبر من موارد المياه العذبة عالميًا، وتمثل أيضًا مصدرًا رئيسًا لانبعاثات الغازات الدفيئة. ولذا علينا زيادة استدامة عملية إنتاج الغذاء، ونحن ملتزمون في شركة مزارع البحر الأحمر بالمساهمة في تحويل الزراعة إلى نشاط يحافظ على البيئة.»
كاوست تدعم شركة مزارع البحر الأحمر
وكانت شركة مزارع البحر الأحمر حصلت، في مايو/أيار العام 2019، على استثمار مشترك بقيمة 1.9 مليون دولار من صندوق دعم الابتكار وشركة تطوير المنتجات البحثية التابعين لكاوست؛ وهي أبرز الجامعات في السعودية.
وقال تيستر، في وقت سابق، «يعد الشرق الأوسط من أكثر المناطق التي تعاني من شح المياه في العالم. هنا، نعتمد غالبًا على مصادر غير مستدامة لمياه للري مثل تحلية المياه أو المياه الجوفية التي تستنفد سريعًا.»
وأوضح «تحتاج المياه المحلاة إلى كميات كبيرة من الطاقة لإنتاجها وهي مكلِفة فهي تكلّف على الأقل دولارًا واحدًا لكل متر مكعب ناهيك عن التأثير البيئي الكبير.»
وأضاف «نعتمد على المياه المحلاة في عملية الري الزراعي في الشرق الأوسط اعتمادًا شديدًا، وهذا مكلف، إذ تبلغ التكلفة دولار واحد على الأقل لكل متر مكعب، والأمر غير مستدام بيئيًا على الإطلاق. فإنتاج المياه المحلاة يستنزف طاقة هائلة، ناهيك عن أثره البيئي الذي يسهم في زيادة الاحترار العالمي وتغير المناخ.»
السعودية تنجح في زراعة الخضار بمياه البحر
وكانت وكالة وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون الزراعة السعودية أعلنت، في سبتمبر/أيلول العام 2020، عن نجاح مشروعها البحثي للزراعة بالاعتماد على مياه البحر في المملكة العربية السعودية ليصبح الأول من نوعه في المنطقة العربية.
وأكد وكيل الوزارة لشؤون الزراعة المهندس أحمد بن صالح العيادة، آنذاك، على أن السعودية «تعد أول دولة في المنطقة تنجح في هذا المشروع البحثي المهم تعزيزًا للتنمية الزراعية في المناطق الساحلية، وحرصًا منها على كفاءة الإنتاج والاستدامة، وسعيًا في تقديم نموذج بحثي متكامل لإنتاج الخضار والأسماك بنظام مغلق لتدوير وتحلية مياه البحر.»
وقالت شركة مزارع البحر الأحمر في تعقيب لمرصد المستقبل إن وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية تعمل «على تحقيق رؤيتها في استخدام موارد المياه المالحة لقطاع الزراعة من أجل نهج أكثر استدامة جنبًا إلى جنب مع تقنيات وخبرات شركة مزارع البحر الأحمر»، وأضافت «نحن قادرون على جعل هذه الرؤية حقيقة واقعة من خلال أول دفيئة مياه مالحة لدينا هنا في كاوست.»
The post شركة ناشئة في السعودية تطور زراعة الخضروات بالاعتماد على مياه البحر المالحة appeared first on مرصد المستقبل.