طفل حاول قتل الملك البريطاني وتسبب بأزمة بين بلجيكا وبريطانيا 

ما بين أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، اهتزت أوروبا على وقع العديد من الاغتيالات السياسية التي قادها نشطاء أناركيون، لا سلطويون، لأسباب مختلفة. فعام 1894، أقدم الأناركي الإيطالي سانتي جيرونيمو كازيريو (Sante Geronimo Caserio) على قتل الرئيس الفرنسي سادي كارنو (Sadi Carnot) عقب توجيه عدة طعنات له. وبعدها بست سنوات، وجه الأناركي الآخر غايتانو بريشي (Gaetano Bresci) رصاصات قاتلة للملك الإيطالي أومبرتو الأول (Umberto I). وقبل ذلك بفترة وجيزة، قتلت الإمبراطورية النمساوية إليزابيث بمدينة جنيف السويسرية على يد الأناركي الإيطالي لويجي لوتشيني (Luigi Lucheni).

وخلال العام 1900، كادت بريطانيا أن تعيش على وقع حادثة اغتيال مشابهة. فبعد المحاولات العديدة التي طالت الملكة فكتوريا طيلة العقود الماضية، كاد الملك المستقبلي لبريطانيا إدوارد السابع (Edward VII) أن يقتل على يد طفل أناركي أثناء تواجده ببلجيكا.

فيوم الرابع من شهر نيسان/أبريل 1900، تواجد وريث العرش والملك المستقبلي لبريطانيا إدوارد السابع، رفقة زوجته ألكسندرا، بمحطة القطار شمال العاصمة البلجيكية بروكسل. ومع استعداد القطار لمغادرة المحطة، أقدم الطفل الأناركي البلجيكي جان باتيست سيبيدو (Jean-Baptiste Sipido)، البالغ من العمر 15 سنة، على توجيه رصاصتين، من مسدس كان بحوزته، عبر نافذة العربة الملكية نحو إدوارد السابع، ابن الملكة فيكتوريا، وزوجته. وفي خضم هذه الحادثة، فشل هذا الطفل البلجيكي في قتل الزوجين الملكيين. فبينما استقرت الرصاصة الأولى بمكان بعيد، مرت الثانية قرب رأس إدوارد السابع دون أن تصيبه.

وعلى عين المكان، أقدم رجال الأمن بالمحطة على اعتقال جان باتيست سيبيدو عقب تجريده من سلاحه. وأثناء فترة التحقيق معه، أعلن سيبيدو مسؤوليته عن محاولة الاغتيال الفاشلة وبرر فعلته باستيائه من حرب البوير الثانية (Second Boer War)، بين البريطانيين والبوير ذوي الأصول الهولندية بجنوب القارة الإفريقية، التي انتهت بانتصار بريطانيا عام 1902.

بسبب صغر سنّه، أطلقت السلطات البلجيكية سراح جان باتيست سيبيدو عقب تبرئته يوم 5 تموز/يوليو 1900. وحال خروجه من السجن، عبر سيبيدو الحدود الفرنسية البلجيكية مفضلا الاستقرار بفرنسا لتجنب توقيفه مرة ثانية.
أسفرت عملية تبرئة جان باتيست سيبيدو عن أزمة دبلوماسية بين بريطانيا وبلجيكا حيث عبرت بريطانيا عن غضبها. ولتهدئة الوضع، وعد الملك البلجيكي ليوبولد الثاني البريطانيين بفعل ما بوسعه لإعادة سيبيدو لبلجيكا ثانية من أجل إعادة محاكمته. وخلال الأيام التالية، وصف رئيس مجلس العموم آرثر بلفور (Arthur Balfour) تبرئة المتهم بالمؤسفة ونعته بالخطأ القضائي البلجيكي المخزي.

مع انتقاله لفرنسا، التحق جان باتيست سيبيدو بعدد من الحركات الاشتراكية وواصل نشاطاته دون أن يواجه مشاكل مع السلطات الأمنية والقضائية. وفي المقابل، أصبح إدوارد السابع ملكا لبريطانيا يوم 22 يناير 1901 عقب وفاة والدته الملكة فيكتوريا التي قضت أكثر من 63 عاما بهذا المنصب.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: