في خضم الحرب العالمية الثانية، أطلق السوفيت العنان خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1942 لعملية أورانوس (Uranus) العسكرية. وعلى إثر ذلك، وجد نحو 300 ألف جندي من قوات الجيش السادس الألماني أنفسهم محاصرين بمدينة ستالينغراد التي تمكنوا عقب معارك ضارية استمرت لأسابيع من انتزاع نسبة هامة من أحيائها.
وتماما كما حصل قبل أشهر بدميانسك (Demyansk)، آمنت القيادة العسكرية الألمانية، التي ذعرت عند سماعها بعملية التطويق، بإمكانية إنقاذ الجيش السادس عن طريق إنشاء جسر جوي لإرسال الغذاء والعتاد العسكري نحو ستالينغراد. وبناء على ذلك، حصل قائد الجيش السادس المارشال فريدريش باولوس على أوامر صارمة بالثبات بمكانه والاعتماد على الجسر الجوي في انتظار قدوم جيش ألماني لكسر الطوق السوفيتي حول ستالينغراد.
هجوم ألماني مباغت
إلى ذلك، تواجدت أقرب نقطة ألمانية للجيش السادس الألماني على بعد 40 كلم فقط قرب نهر شير (Chir). وإيمانا منهم بإمكانية شنّ الألمان لهجوم، انطلاقا من هذه النقطة، لكسر الحصار حول ستالينغراد، عزز السوفيت تواجدهم هنالك استعدادا لمعركة محتملة.
وخلافا لتوقعات السوفيت، فضّل الجنرال الألماني إريش فون مانشتاين (Erich von Manstein) نقل هجومه نحو الجنوب قرب قرية كوتيلنيكوفو (Kotelnikovo) التي كانت تبعد 120 كلم عن قوات الجيش السادس الألماني. ومن خلال ذلك، حاول مانشتاين مباغتة الجيش الأحمر السوفيتي عبر موقع ضعيف التحصين.
يوم 12 كانون الأول/ديسمبر 1942، أعطى الجنرال إريش فون مانشتاين إشارة انطلاق عملية عاصفة الشتاء الألمانية التي سمحت للألمان بالاقتراب من ستالينغراد عقب مباغتتها وسحقها لفرقة المشاة 302 السوفيتية.
ومع إدراكهم لحجم الكارثة العسكرية، أمرت القيادة العسكرية السوفيتية الجنرال روديون مالينوفسكي (Rodion Malinovsky) بالتوجه نحو موقع المعركة لمواجهة الألمان. وقبل وصول قوة الآليات 18 السوفيتية يوم 18 كانون الأول/ديسمبر، قاوم الجنود السوفيت بشراسة ونجحوا في تعطيل التقدم الألماني.
استسلام الجيش السادس
تحت وطأة نيران الهجوم المضاد السوفيتي، فشل الألمان في مواصلة التقدم نحو ستالينغراد. وقد مثّل نهر ميشكوفا (Myshkova) الذي يبعد حوالي 48 كلم عن ستالينغراد أهم نقطة تمكّنت قوات إريش فون مانشتاين من بلوغها يوم 19 كانون الأول/ديسمبر. فهنالك، التقت القوات الألمانية بفيلق قوات الحرس الثاني السوفيتي حديث التكوين.
بالتزامن مع ذلك، انطلقت الاتصالات المكثفة بين الجنرال مانشتاين وزميله المارشال فريدريش باولوس حيث طلب مانشتاين من الأخير البدء بعملية عسكرية لكسر الحصار عن طريق خلق ثغرة بالدفاعات السوفيتية والتقدم لملاقاة قوات الجيش الرابع، بقيادة الجنرال الألماني هرمان هوث (Hermann Hoth)، القريبة من ستالينغراد.
وفي الأثناء، رفض باولوس هذا المقترح حيث تخوّف الأخير من قدرة جنوده الجوعى والمرضى والمنهكين بسبب البرد على القيام بمثل هذه العملية. فضلا عن ذلك، تحدّث الأخير عن امتلاكه لكمية محروقات ضئيلة قد لا تسمح لما تبقى من جيشه بتجاوز مسافة 30 كلم. وبالتالي، قد يضطر ما تبقى من الجيش السادس الألماني للتوقف بمنتصف الطريق ليتحول بذلك لفريسة سهلة للجيش الأحمر السوفيتي. أيضا، عارض أدولف هتلر بشدة فكرة انسحاب الجيش السادس الألماني من ستالينغراد واتجه لإصدار أوامر صارمة لباولوس بالثبات بمكانه والإنتظار.
إلى ذلك، تبددت الأحلام الألمانية بإنقاذ الجيش السادس العالق بستالينغراد تزامنا مع انطلاق عملية زحل الصغير السوفيتية. ففي خضم هذا الهجوم العسكري، تمكّن السوفيت من إلحاق خسائر فادحة بالقوات الإيطالية والرومانية، الحليفة للنازيين، القريبة من ستالينغراد وتقدموا لمئات الكيلومترات مجبرين بذلك الجنرال مانشتاين على التراجع. ومع انقطاع السبل، واصل الجيش السادس الألماني القتالي لبضعة أسابيع إضافية قبل أن يستسلم ما تبقى منه، رفقة المارشال باولوس، للسوفيت مطلع شباط/فبراير 1943.