على مدار تاريخه، اعتمد الاتحاد السوفيتي، وروسيا الاتحادية من بعده، على إنجازات عدد من كبار المهندسين للحصول على قوة عسكرية جوية هامة زمن الحرب الباردة. وإضافة لكل من أندري توبوليف (Andrei Tupolev)، الذي برز كأحد أهم مصممي قاذفات القنابل، وميخائيل غوريفيتش (Mikhail Gurevich) والأرميني أرتيم ميكويان (Artem Mikoyan)، اللذين صمما سلسلة طائرات ميغ (Mig)، يذكر التاريخ اسم المهندس والمصمم البيلاروسي الأصل بافل سوخوي (Pavel Sukhoi) الذي تمكن من تصميم سلسلة الطائرات التي حملت اسمه.
نجاح دراسي ومعاناة مع المرض والحرب
وتماما كمواطنه أندري توبوليف، التحق بافل سوخوي، المولود يوم 22 تموز/يوليو 1895 بمدينة هليبوكاي (Hlybokaye) بالإمبراطورية الروسية، بالمدرسة التقنية الإمبراطورية بموسكو عام 1915 عقب نجاحه في اجتياز اختبارات القبول. في الأثناء، تعطلت المسيرة الدراسية للأخير تزامنا مع التحاقه بالجيش الإمبراطوري في خضم الحرب العالمية الأولى. ومع تلقيه لتكوين سريع بمجال المدفعية، أرسل سوخوي نحو الجبهة الغربية الروسية لمواجهة الألمان أثناء فترة تميزت بانهيار وتراجع الجيش الروسي.
عقب الثورتين الروسيتين اللتين أطاحتا بحكم نيقولا الثاني وأسفرتا عن صعود البلاشفة، عاد بافل سوخوي نحو موسكو ليتفاجأ بغلق المدرسة التقنية التي درس بها قبل التحاقه بالجيش. وبسبب ذلك، عاد مصمم الطائرات الشهير نحو غوميل (Gomel) للعيش مع والديه قبل أن يتجه نحو أحواز برست ليتوفسك (Brest-Litovsk) حيث عمل كمدرس لفترة وجيزة.
عام 1919، عاد سوخوي مجددا نحو غوميل بسبب الحرب السوفيتية البولندية المستعرة. وخلال تلك الفترة، أصيب الأخير بالتيفوس والحمى القرمزية وهو ما خلّف لديه تشوهات أثّرت على قدرته في النطق بشكل جيد. عام 1920، عاد سوخوي مجددا للمدرسة التقنية بموسكو وتخرّج منها عام 1925.
خلال السنوات التالية، عمل سوخوي كمهندس ومصمم طائرات تحت إشراف أندري توبوليف وتمكن مطلع الثلاثينيات من تصميم قاذفة القنابل بعيدة المدى توبوليف أي أن تي 25 (Tupolev ANT-25). عام 1939، صمم بافل سوخوي طائرة سوخوي سو 2 (Sukhoi Su-2) التي استخدمت ضد الألمان تزامنا مع بداية عملية بربروسا (Barbarossa).
نجاح عقب وفاة ستالين
خلال شهر أيلول/سبتمبر 1939، أسس بافل سوخوي مكتبا مستقلا لتصميم الطائرات بمنطقة خاركيف قبل أن ينتقل فيما بعد لموسكو. وبسبب افتقاره لمؤسسة تصنيع، لم يتمكن هذا المهندس من صناعة الطائرات واضطر لتحمل تصرفات جوزيف ستالين الذي رفض مقترحاته. فأثناء شتاء 1942، رفض ستالين مشروع طائرات سوخوي سو 6 (Sukhoi Su-6) الذي تقدم به بافل سوخوي مفضلا مواصلة إنتاج طائرات إليوشن إل 2 (Ilyushin Il-2).
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، اتجه بافل سوخوي للعمل على الطائرات النفاثة. وعام 1949، اصطدم الأخير مجددا بجوزيف ستالين الذي أجبره على العودة للعمل، كمساعد، تحت إشراف أندري توبوليف.
عقب وفاة ستالين سنة 1953، استعاد بافل سوخوي مكانته مجددا وسمح له بإنشاء مكتب تصميم طائرات سرعان ما كسب مكانة هامة بالحرب الباردة. فمنتصف الخمسينيات، صمم بافل سوخوي الطائرة المقاتلة، وقاذفة القنابل، النفاثة سوخوي سو 7 (Sukhoi Su-7) التي أصبحت أهم مقاتلة سوفيتية بالستينيات. وبنفس الفترة، تمكن هذا المهندس من وضع تصاميم الطائرات الاعتراضية سوخوي سو 9 (Sukhoi Su-9) وسوخوي سو 15 (Sukhoi Su-15) اللتين أصبحتا أبرز وسائل الدفاع الجوي السوفيتي حينها.
خلال الستينيات، صمم بافل سوخوي طائرتي الهجوم الأرضي النفاثتين، اللتين تميزتا بامتلاكهما لخاصية الجناح متعدد الأوضاع، سوخوي سو 17 (Sukhoi Su-17) وسوخوي سو 24 (Sukhoi Su-24) وأصبح عضوا بمجلس السوفيت الأعلى.
وفي الأثناء، وضع بافل سوخوي مطلع بالسبعينيات تصاميم المقاتلة النفاثة سوخوي سو 27 (Sukhoi Su-27) إلا أنه لم يتمكن من مشاهدتها تطير حيث توفي هذا المهندس السوفيتي بأحد مستشفيات موسكو منتصف أيلول/سبتمبر 1975.
أثناء مسيرته، نال بافل سوخوي العديد من الأوسمة كانت أبرزها جائزة لينين ووسام ثورة أكتوبر ووسام النجمة الحمراء.