بالقرن الماضي، اتجه النازيون أواخر العام 1939 لاستخدام الغاز الكيمياوي بكثافة، ضمن عمليات القتل الجماعي. فضمن برنامج أكتيون تي 4 (Aktion T4)، وافق أدولف هتلر على بدء عملية ممنهجة للتخلص من المصابين بإعاقات جسدية وذهنية، بعد أن وصفهم بغير المؤهلين للعيش. وقد أوكل القائد النازي حينها لعدد من الأطباء من أمثال كارل براندت (Karl Brandt) وفيليب بوهلر (Philipp Bouhler) مهمة الإشراف على هذه العملية، التي أسفرت في نهاية المطاف عن مقتل ما لا يقل عن 75 ألف ألماني.
ومن ضمن الطرق المعتمدة للقتل ضمن برنامج أكتيون تي 4، يذكر التاريخ شاحنات الغاز التي حشر بها المعوقون قبل أن تطلق عليهم غازات سامة كأحادي أكسيد الكربون.
وقبل بداية استخدامها من قبل النازيين، ظهرت شاحنات الغاز لأول مرة بالاتحاد السوفيتي واستخدمت بكثافة من قبل مفوضية الشعب للشؤون الداخلية أثناء فترة التطهير الكبير الستاليني بثلاثينيات القرن الماضي. فأثناء تلك الفترة، اتجه أفراد مفوضة الشعب للشؤون الداخلية لاستخدام هذه العربات للتخلص ممن وصفوا بأعداء الاتحاد السوفيتي.
وتعود فكرة هذه الشاحنات القاتلة لقائد المكتب التنفيذي والاقتصادي لمفوضية الشعب للشؤون الداخلية إيساي بيرغ (Isay Berg). فعام 1936، تحدث هذا الأخير عن شاحنات تعمل بالوقود مجهزة بصناديق كبيرة يوضع داخلها المعتقلون ليقتلوا بالبخار والحرارة والدخان المتصاعد من المحركات والغازات السامة وسط غياب للأكسجين. وتزامناً مع تزايد أعداد المحكومين بالإعدام بموسكو، اتجهت مفوضية الشعب للشؤون الداخلية لاعتماد هذه الطريقة، حيث وضع المساجين المحكومون بالإعدام، داخل هذه العربات عراة ومكبلين ومعصوبي الأعين، تزامناً مع سد أفواههم بخرقات مبللة ليختنقوا داخلها ويفارقوا الحياة قبل بلوغ مواقع الدفن الجماعية.
لإخفاء حقيقة هذه العربات، اعتمدت مفوضية الشعب للشؤون الداخلية على التمويه عن طريق طلائها وجعلها أشبه بعربات الخبز.
وخلال الأشهر التالية، اتجه إيساي بيرغ لنفي أية علاقة له بهذه الشاحنات القاتلة. إلى ذلك، اعتقل الأخير، بأوامر من ستالين، خلال شهر أغسطس 1938 وأعدم بحلول العام 1939 بتهمة القيام بأنشطة معادية للثورة البلشفية والاتحاد السوفيتي.
خلال تنقله نحو أراضي الاتحاد السوفيتي عقب عملية بربروسا عام 1941، تابع قائد فرق الأس أس (SS) هنريش هملر (Heinrich Himmler) عن كثب تأثير عمليات إعدام الأطفال والنساء رمياً بالرصاص على جنوده. وأمام هذا الوضع، أوكل الأخير لنظيره آرثر نيبي (Arthur Nebe)، الذي أعدم يوم 21 مارس 1945، مهمة البحث عن طريقة أكثر فاعلية للتخلص من المدنيين دون اللجوء لرميهم مباشرة بالرصاص.
وانطلاقاً من ذلك، أيد النازيون فكرة استخدام شاحنات الغاز التي استخدمت في وقت سابق بألمانيا ضد المعوقين.
حسب العديد من الشهادات، استخدمت شاحنات الغاز النازية بكثافة قرب مناطق كراسنودار (Krasnodar) السوفيتية سنة 1943. فخلال تلك الفترة، عمد النازيون لاستخدامها لقتل ما يزيد عن 7000 معتقل سوفيتي دفنوا فيما بعد بمقابر جماعية. أيضاً، اعتمدت فرق الأس أس على عربات الموت بعدد من المعسكرات، خاصة بمعسكر الموت بشيلمنو (Chełmno).
ويحسب تقارير استخدمت لاحقاً بمحاكمات النازيين عقب الحرب العالمية الثانية، زودت مؤسسة Gaubschat Fahrzeugwerke GmbH فرق الأس أس بعشرين شاحنة مخصصة لقتل المعتقلين استخدم بعضها في كراسنودار. ومع نهاية النزاع العالمي على الساحة الأوروبية، قدّر عدد ضحايا هذه العربات بنحو 700 ألف ضحية.