عقب تعيينه مستشارا لألمانيا يوم 30 يناير 1933، باشر الزعيم النازي أدولف هتلر عملية ملاحقة أعدائه السياسيين حيث لم تتردد كتيبة العاصفة بقيادة الكابتن إرنست روم (Ernst Röhm) في شن حملة اعتقالات ضد المعارضة على إثر حادثة حرق مبنى الرايخستاغ (Reichstag)، المفبركة، يوم 27 فبراير من نفس العام.
وفي الأثناء، صعّد النازيون عام 1934 عملية التخلّص من المعارضين. فخلال الأشهر التي سبقت وفاة الرئيس باول فون هيندنبورغ، لم يتردد أفراد الكتيبة الوقائية (Schutzstaffel) وكتيبة العاصفة في تنفيذ حملة اغتيالات ممنهجة طالت عددا هاما من الوجوه المعارضة للنظام النازي. ومن ضمن ضحايا النازيين عام 1934، يذكر التاريخ اسم المستشار السابق كورت فون شلايشر (Kurt von Schleicher).
شخصية هامة بعد الحرب العالمية الأولى
إلى ذلك، ولد كورت فون شلايشر يوم 7 أبريل 1882 بمدينة براندبورغ آن در هافل (Brandenburg an der Havel) لعائلة ذات سجل حافل بالمجال العسكري حيث كان والده مسؤولا عسكريا بالجيش البروسي. وخلال العام 1900، حلّ الدور على فون شلايشر. فأثناء تلك السنة، التحق الأخير وهو في الثامنة عشرة من العمر بالجيش الألماني برتبة ملازم. وأثناء الحرب العالمية الأولى، عمل فون شلايشر لصالح القيادة العسكرية الألمانية ونال بشكل سريع ترقية منح على إثرها رتبة جنرال.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة ألمانيا، لعب كورت فون شلايشر دورا هاما في إعادة هيكلة وتهيئة القوات الألمانية المعروفة بالرايخسفير (Reichswehr). فضلا عن ذلك، مثّل هذا الرجل وجها سياسيا بارزا ضمن فترة جمهورية فيمار (Weimar) التي استمرت بألمانيا ما بين نهاية الحرب العالمية الأولى وحصول النازيين على مقاليد الحكم. وبداية من العام 1925، شغل فون شلايشر منصب مستشار للرئيس باول فون هيندنبورغ فكان له دور هام في رسم ملامح الوجه السياسي لألمانيا خلال العشرينيات.
وسنة 1930، ساهم فون شلايشر في تعيين السياسي هنريش برونينغ (Heinrich Brüning) مستشارا. وبعدها بعامين، فضّل هذا المستشار إزاحة الأخير وتعيين فرانز فون بابن (Franz von Papen) بدلا منه.
وأواخر العام 1932، أزاح فون شلايشر، الذي أيد تحالفا لقوى الوسط ضد النازيين، السياسي فون بابن واستلم بنفسه منصب المستشار بتأييد من الرئيس فون هيندنبورغ الذي رأى فيه الشخص الوحيد القادر على وضع حد لصعود النازيين بمجلس النواب وزيادة شعبية أدولف هتلر.
اغتيال فون شلايشر
على إثر إزاحته من منصب المستشار، تحالف فون بابن مع أدولف هتلر وتمكّن من إقناع عدد من كبار أصحاب المؤسسات الصناعية من أمثال ألفرد كروب (Alfried Krupp) وغورستاف كروب (Gustav Krupp) وفريتز تيسن (Fritz Thyssen) وإيميل كيردورف (Emile Kirdorf) بدعم هتلر والضغط على فون هيندنبورغ لتعيينه مستشارا على ألمانيا.
ومع حصوله على مقاليد الحكم، عقد أدولف هتلر العزم على التخلص من فون شلايشر الذي حرمه لسنوات من منصب المستشار.
أثناء أحداث ليلة السكاكين الطويلة ما بين أواخر يونيو ومطلع يوليو 1934، تمكن أدولف هتلر من تحقيق هدفه. ففي حدود الساعة العاشرة والنصف صباحا يوم 30 يونيو 1934، اقتحم رجال ارتدوا معاطف سوداء مقر إقامة فون شلايشر، الذي كان على الهاتف، وطرقوا باب منزله بقوة قبل أن يوجهوا له وابلا من الرصاص عقب التأكد من هويّته. وأثناء هذه العملية، لقيت زوجة فون شلايشر أيضا مصرعها حيث عمد المهاجمون حينها لقتلها لطمس آثار الجريمة.