أثناء فترة حكمه التي امتدت لنحو ربع قرن، اعتمد القائد السوفيتي جوزيف ستالين على مجموعة من أتباعه ممن تولوا مهام حساسة في صلب المؤسسات الأمنية، لضمان بقائه بالسلطة والقضاء على أي تهديد داخلي محتمل.
ومن ضمن المؤسسات التي اعتمد عليها جوزيف ستالين، يذكر التاريخ جهاز المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية، المعروف أيضا باسم أن كه في دي (NKVD)، الذي جمع بين مهام الشرطة والشرطة السرية.
إلى ذلك، تولى العديد من المسؤولين السوفيت قيادة هذا الجهاز الأمني أثناء الحقبة الستالينية. ومن ضمن هؤلاء يذكر التاريخ غينريخ ياغودا (Genrikh Yagoda)، الذي أعدم عام 1938، ونيقولاي يجوف (Nikolai Yezhov)، الذي أعدم عام 1940، ولافرينتي بيريا (Lavrentiy Beria) الذي قتل على يد رفاقه بعد أشهر قليلة عن وفاة ستالين.
خليفة ستالين
أثناء مسيرته، حصل لافرينتي بيريا، المولود يوم 29 آذار/مارس 1899 بمنطقة أبخازيا بجورجيا، على رتبة مارشال الاتحاد السوفيتي وتكفل بمسؤوليات ارتبطت بشكل مباشر بالأمن القومي للبلاد. ومع إزاحة نيقولاي يجوف عام 1940، تولى بيريا قيادة المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية ولعب دورا هاما أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية.
ففي خضم النزاع العالمي، ارتبط اسم هذا المسؤول السوفيتي بالعديد من الأحداث كمذبحة كاتين (Katyn) التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأمنيين والعسكريين البولنديين والأحداث الدامية ضد الشيشانيين والإنغوش إضافة للعديد من عمليات الترحيل الجماعية نحو المناطق النائية والتي أدت بدورها لسقوط أعداد هائلة من الضحايا الذين توفوا أساسا بسبب الجوع والمرض.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، ساهم بيريا في إرساء أنظمة موالية لموسكو بأوروبا الشرقية ولعب دورا هاما في نجاح البرنامج النووي السوفيتي كما اتجه أيضا لتوسيع نظام مراكز العمل القسري، المعروفة بالغولاغ، عن طريق إنشاء مراكز أخرى وإرسال مزيد من المعتقلين إليها.
مع رحيل ستالين يوم 5 آذار/مارس 1953، أصبح بيريا رئيسا للوزراء وتكفل بالشؤون الداخلية والأمنية للبلاد عقب تحالف جمعه بكل من فياتشيسلاف مولوتوف (Vyacheslav Molotov) وجيورجي مالينكوف (Georgy Malenkov). وبالتزامن مع ذلك، رشحه كثيرون بالحزب الشيوعي السوفيتي لخلافة ستالين كقائد للبلاد.
إعدام عقب محاكمة وجيزة
إلى ذلك، لن تدم فترة هيمنة بيريا ورفاقه على الاتحاد السوفيتي طويلا. فبناء على خطة أعدها خروتشوف بمساعدة بطل الحرب العالمية المارشال جوكوف، اعتقل لافرينتي بيريا يوم 26 حزيران/يونيو 1953 أثناء حضوره لأحد الاجتماعات بالكرملين واقتيد خارج المبنى ليلا ليمكث بإحدى الزنزانات بانتظار محاكمته.
ولتجنب الفوضى التي قد يثيرها الأمنيون الموالون لبيريا، أمر وزير الدفاع نيقولاي بولغانين (Nikolai Bulganin) فرقة مدرعة وفرقة مشاة بالتمركز بموسكو لحفظ الأمن ومراقبة تحركات أنصار بيريا.
يوم 23 كانون الأول/ديسمبر 1953، بدأت محاكمة بيريا، الذي حرم من الحصول على محام ومن حق الاستئناف، ووجهت إليه تهم تراوحت بين الخيانة والإرهاب وتضليل الدولة وارتكاب جرائم ضد الشعب السوفيتي والقيام بأعمال مضادة للثورة أثناء فترة الحرب الأهلية الروسية.
وعقب محاكمة وجيزة، صدر حكم بالإعدام في حق بيريا وستة من رفاقه تم تنفيذه خلال نفس اليوم. وقبيل إعدامه، جثم لافرينتي بيريا على ركبتيه وطلب من الحاضرين الصفح عنه والحفاظ على حياته. وفي الأثناء، تقدم نحوه المارشال بافل باتيتسكي (Pavel Batitsky) ووجه له رصاصة استقرت بجبينه.
لاحقا، أحرقت جثة بيريا قبل أن ينقل رماده ليدفن بقبر مجهول بمقبرة كنيسة دونسكوي بموسكو.