من المرجح أن يختار كبار السن تجاهل المعلومات التي قد يصعب سماعها عاطفياً أكثر من الأشخاص الأصغر سنًا، وفقًا لدراسة جديدة، أجراها معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية في برلين بألمانيا، ونشرتها "ديلي ميل" البريطانية.
في إطار استبيان تحليلي، شمل أكثر من 2000 بالغ ألماني، تتراوح أعمارهم بين 21 عامًا وأكثر، تم طرح سؤال حول ما إذا كانوا يريدون معرفة مسبقة ومعلومات عن أحداث الحياة المختلفة، بما يشمل تاريخ وفاتهم وما إذا كانت خديعة محتملة من شريك/ة الحياة المستقبلية واستعدادهم الوراثي للإصابة بأمراض مختلفة.
وقام الباحثون برصد الردود التي تضمنت إجابات تفيد بـ"تعمد التجاهل" لكل متطوع، بناءً على النسبة المئوية للمرات التي قالوا فيها إنهم "يفضلون عدم المعرفة".
وتم تصنيف النتائج بحسب كل فئة عمرية، من 21 إلى 30 حتى 81-99 عامًا، وتبين أن المشاركين في الدراسة من الفئات العمرية ما بين 51 و60 عامًا هم الأكثر احتمالية للقول إنهم "يفضلون عدم معرفة'' الأحداث المستقبلية.
قول مأثور لأرسطو
وعلى عكس ما كتبه أرسطو، منذ أكثر من ألفي عام، بأن "كل الرجال، بطبيعتهم، يرغبون في المعرفة"، حيث الغرض من الدراسة أن يتثبت الباحثون الألمان مما إذا كان هذا القول المأثور صحيحًا.
توصل الباحث رالف هيرتويغ وزملاؤه إلى أن هناك أوقات يفضل فيها الإنسان عدم معرفة الحقيقة، وأن كبار السن هم الأكثر ميلًا لهذا التوجه. وأن الأمر يتعلق تحديدًا بالأخبار أو المعلومات، التي يمكن أن تكون صعبة عاطفياً – سواء كان التأثير إيجابيًا أو سلبيًا.
قام الباحثون بفحص ما إذا كانت هناك سمات شخصية فردية تتعلق بمدى انفتاح المشارك المتطوع هي التي يمكن أن تكون قد أحدثت فرقًا في عدم الاهتمام أو الرغبة في معرفة الأمور المستقبلية.
يرتبط الانفتاح بكون الشخص متقبلاً للأفكار والعواطف الصعبة، ومن المعروف أيضًا أنه يتراجع مع تقدم العمر. ولكن، لم يصل الباحثون إلى وجود أي صلة بين الانفتاح والعمر في بياناتهم، على الرغم من العثور على كبار السن أقل ارتباطًا بالأخبار السيئة.
يتوقع الباحثون أنه في البالغين الأكبر سنًا، الذين يتوقعون أن يعيشوا لسنوات قليلة، تقل فائدة أنواع معينة من المعلومات مقارنة بالأشخاص الأصغر سنًا الذين يعتقدون أن لديهم وقتا أطول للعيش.
وتجلى هذا الأمر بشكل خاص عندما كانت أسئلة الاستبيان تتعلق بالصحة، وتاريخ وفاتهم، ولكن كان الاختلاف الأكبر بين المجموعات الأكبر سنًا والأصغر سناً.
ويفسر الباحثون الحالة بأنها ربما ترجع إلى "نظرية الانتقائية الاجتماعية والعاطفية"، حيث يدرك البعض أن مستقبلهم مفتوح على مصراعيه، وهم أكثر عرضة للأهداف ذات الأولوية المتعلقة بالمستقبل، ومن بينها جمع المعلومات.
وأوضح الباحثون أنه في المقابل " عندما يرى الناس أن مستقبلهم سيكون أكثر محدودية – وينتمي كبار السن إلى هذه المجموعة – فإنهم يركزون أكثر على الحاضر، وبالنسبة لهم، فإن الرضا العاطفي يمثل أولوية أكبر".
ويختتم الباحثون قائلين إن كبار السن ربما يسعون إلى تقليل مخاطر تلقي معلومات سلبية محتملة، حتى لو كان ذلك يعني أنهم يفقدون المعلومات الإيجابية.