على نفس العرش.. حكم إمبراطوران بآن واحد هذا البلد!

خلال القرون الماضية، أثار عرش الإمبراطورية الروسية العديد من الخلافات بين الورثة انتهى بعضها بحمام دم. فإضافة للديميتريات الكاذبين الذين كانوا أفرادا من عامة الشعب طالبوا بعرش روسيا معلنين أنفسهم الورثة الشرعيين عن طريق تقمصهم لشخصية ديميتري إيفانوفيتش (Dimitri Ivanovitch)، ابن القيصر إيفان الرهيب الذي توفي عام 1591، وكاثرين العظيمة التي لم تتردد في قتل زوجها القيصر بطرس الثالث عام 1762 للظفر بالحكم، يذكر التاريخ قصة صعود قيصرين بآن واحد على عرش روسيا.

فسنة 1682، اعتلى كل من بطرس الأكبر وشقيقه إيفان الخامس (Ivan V) عرش روسيا وحكما البلاد معا لأكثر من 10 سنوات.

خلاف حول وريث العرش

إلى ذلك، حكم ألكسيي ميخايلوفيتش (Alexei Mikhailovich)، والد كل من بطرس الأكبر وإيفان الخامس، روسيا لنحو 30 عاما. وأثناء فترة حياته، تزوّج هذا القيصر الروسي مرتين فكانت زوجته الأولى ماريا ميلوسلفسكايا (Maria Miloslavskaya) التي أنجب منها 13 طفلا. ومع وفاة ماريا، تزوّج القيصر الروسي ثانية من ناتاليا ناريشكينا فأنجبا 3 أطفال آخرين.

مع وفاة ألكسيي ميخايلوفيتش عام 1676، تولى فيودور الثالث (Fyodor III)، الابن الأكبر لألكسيي من زوجته الأولى ماريا، قيادة روسيا لنحو 6 سنوات قبل أن يفارق الحياة وهو في العشرين من العمر خالقا بذلك أزمة خلافة بالإمبراطورية الروسية بسبب صغر سن بقية إخوته.

وبالتزامن مع كل ذلك، احتار الجميع بالبلاط الإمبراطوري الروسي حول شخصية القيصر الجديد. فبينما فضّل البعض إيفان الخامس، ابن ماريا البالغ من العمر 15 عاما، الذي عانى بشكل مستمر من المرض وتمّيز بخموله، حبّذ آخرون تنصيب بطرس الأكبر، الابن الأكبر لناتاليا والبالغ من العمر 10 سنوات، الذي عرف بنشاطه وطموحه وإعجابه الشديد بالجيش والحروب.

قيصران على عرش روسيا

في الأثناء، زاد هذا الخلاف حول العرش من حدّة التوتر بين عائلتي زوجتي القيصر السابق ألكسيي ميخايلوفيتش حيث تميّزت هاتان العائلتان بنفوذهما وانتمائهما لطبقة النبلاء. وأملا في الحفاظ على مصالح روسيا، فضّل المسؤولون بالبلاط الإمبراطوري تعيين بطرس الأول قيصرا بدلا من إيفان الخامس الذي صنّف حينها بالخطير على روسيا بسبب معاناته من عمى جزئي وتخلف عقلي.

أمام هذا الوضع، رفضت الأميرة صوفيا، الشقيقة الكبرى لإيفان الخامس والبالغة من العمر 25 عاما، عملية إقصاء شقيقها من السلطة واتجهت رفقة عدد مسانديها لتنظيم تمرّد بمساعدة قوات الستريلتسي (Streltsy) بالقصر لإعادته لسدة الحكم.

يوم 15 أيار/مايو 1682، روّجت صوفيا إشاعة حول مقتل أخيها إيفان على يد أفراد عائلة والدة أخيها غير شقيق بطرس الأكبر ودعت الستريلتسي للتمرد لضمان بقائهم والحفاظ على نفوذهم أمام الطموحات اللامتناهية لبطرس الأكبر.

أمام هذا الوضع، اجتاحت قوات الستريلتسي الكرملين وأعدمت عددا من أفراد عائلة والدة بطرس الأكبر والنبلاء الموالين لهم. لاحقا، تمكّنت الستريلتسي من فرض إرادتها بالكرملين وأجبرت الحاضرين على قبول حل تقاسم كل من بطرس الأكبر وإيفان الخامس لعرش روسيا.

نهاية فترة القيصرين

يوم 25 حزيران/يونيو 1682، جرت أغرب مراسم تنصيب بتاريخ روسيا حيث جلس كل من إيفان الخامس وبطرس الأكبر على عرش روسيا الذي احتوى على مقعدين. إلى ذلك، حمل الاثنان على رأسيهما تاج مونوماخ (Monomakh) أثناء التنصيب. وبينما احتفظ إيفان الخامس بالنسخة الأصلية على رأسه بسبب تقدمه في السن، حصل بطرس الأكبر على نسخة مشابهة للتاج.

من ناحية ثانية، تدخلت الستريلتسي مجددا بشؤون البلاط الإمبراطوري وعيّنت الأميرة صوفيا وصية على العرش بسبب صغر سن إيفان وبطرس. وبينما حصل القيصران على مهام رمزية كحضور الحفلات الدينية والولائم، تحوّلت صوفيا للحاكم الفعلي لروسيا.

وقد استمرت روسيا على هذه الحال لحدود العام 1696. فخلال تلك السنة، فارق إيفان الخامس الحياة لينفرد بذلك بطرس الأكبر بالحكم وتشهد روسيا نهاية أغرب فترة حكم بتاريخها.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: