استعاد الملك الفرنسي لويس الثامن عشر الحكم لتفتح بذلك فرنسا صفحة جديدة من تاريخها مع رحيل نابليون وتنحيه للمرة الثانية عقب الهزيمة بواترلو (Waterloo) خلال يونيو 1815.
فقد شهدت فرنسا بالتزامن مع ذلك، صعود السياسي إيلي ديكاز (Élie Decazes) الذي تقمّص مناصب عديدة. فحصل بداية من العام 1815 على منصب وزير الشرطة ووزير الداخلية قبل أن يعين فيما بعد رئيسا للوزراء.
ومنذ تصدّر إيلي ديكاز للساحة السياسية، عرفت فرنسا العديد من الإصلاحات الليبرالية. فبداية من العام 1816، سنت قوانين نظمت الحياة السياسية ومنعت النبلاء من تقلد أهم المناصب بالجيش بشكل آلي على حساب بقية العسكريين. وعام 1819، ظهر قانون سار (Serre) الذي أقر بحرية الصحافة على الأراضي الفرنسية.
أزمة حول العرش
في خضم هذه الأحداث، عانت عائلة بوربون (Bourbon) التي حكمت فرنسا من أزمة هددت استمرارها على عرش البلاد. فخلال تلك الفترة، افتقرت هذه العائلة لوريث عرش يحمل دم آل بوربون وقادر على خلافة لويس الثامن عشر.
وإضافة لعدم امتلاك لويس الثامن عشر لأي ابن بسبب الوفاة المبكرة لزوجته، افتقر أبناء شقيقه لويس العاشر (Charles X) لوريث عرش محتمل لفرنسا حيث أصبح لويس أنطوان، دوق أنغولم، على عتبة الخمسين ولم يرزق بأبناء.
في الأثناء، اتجهت الأنظار لدوق بيري المعروف بشارل فرديناند دارتوا (Charles-Ferdinand d'Artois) والذي كان الابن الأصغر لشارل العاشر.
ورزق الأخير سنة 1819 ومن زواجه بماري كارولين Marie-Caroline طفلة حملت اسم لويز واعتبر قادرا على الإنجاب. وبسبب ذلك، مورست على الأخير ضغوطات لإنجاب طفل آخر يكون من جنس الذكور للحفاظ على عرش عائلة بوربون.
إلى ذلك، وفي خضم هذه الأزمة التي أرّقت حكام فرنسا، تربّص فرنسي حمل اسم لويس بيار لوفال (Louis Pierre Louvel) بعائلة بوربون فبالنسبة للأخير مثّل مقتل دوق بيري نهاية العائلة الحاكمة بفرنسا.
اغتيال ومولود ذكر
وولد لويس بيار لوفال عام 1784 وتعلم القراءة والكتابة خلال فترة الثورة الفرنسية. وبداية من العام 1799، تحوّل هذا الرجل لأحد أشد المعجبين بنابليون بونابرت.
فتقرب إليه ورافقه لمنفاه الأول بجزيرة ألبا قبل أن يعود معه مجددا لفرنسا ليشارك بمعركة واترلو. ومع رحيل بونابرت رسميا عن فرنسا ونفيه نحو جزيرة سانت هيلينا، وجد لويس بيار لوفال عام 1815 عملا بأحد إصطبلات الملك لويس الثامن عشر.
وحمل لوفال كرها شديدا لعائلة بوربون واعتبر عودة الملكية لفرنسا أمرا لا يطاق. ولهذا السبب، وضع الأخير خطة لقتل شارل فرديناند دارتوا وإنهاء حكم عائلة بوربون.
ونفّذ لوفال مساء يوم 13 شباط/فبراير 1820، خطته حيث تقدم الأخير من دوق بيري، الذي تواجد بشارع ريشليو، ووجه له طعنة على مستوى الصدر.
في موازاة ذلك، تقدم شارل فرديناند دارتوا بضعة خطوات وسحب الخنجر من صدره قبل أن ينهار أرضا ويفارق الحياة بعد فترة وجيزة.
وعقب عملية الاغتيال، ألقت الشرطة القبض على لوفال الذي مثل لاحقا أمام القضاء ليصدر في حقه حكم بالإعدام تم تنفيذه خلال شهر حزيران/يونيو من نفس العام.
إلى ذلك، ساهمت هذه الواقعة في إحداث تغييرات سياسية هامة بفرنسا. فعقب اتهامه بالتخاذل وممارسة سياسة ليبرالية أضعفت الدولة، أجبر رئيس الحكومة إيلي ديكاز على تقديم استقالته يوم 20 شباط/فبراير 1820 مساهما بذلك في صعود سياسيين ملكيين متعصبين وهيمنتهم على الحكومة التالية.
ومع انفرادهم بالسلطة، اتجه الملكيون المتعصبون لممارسة رقابة على الصحافة وغيّروا القوانين الانتخابية لفائدة البورجوازيين.
بعد أسابيع قليلة عن وفاة دوق بيري، عاد الأمل مجددا لعائلة بوربون حيث كشفت زوجة الأخير عن حملها بمولود من جنس الذكور ولد يوم 29 أيلول/سبتمبر 1820 وحمل اسم هنري دارتوا (Henri d'Artois).
وعلى الرغم من منحه العديد من الألقاب الرسمية منذ نعومة أظافره، لم يتمكن هذا الطفل من اعتلاء عرش فرنسا. فعقب ثورة 1848، ألغيت الملكية بفرنسا وأعلن رسميا عن نشأة الجمهورية الثانية ليكون بذلك لويس فيليب الأول (Louis Philippe I) آخر ملك فرنسي.