تمكن المطورون من التقدم نحو المرحلة التجريبية لتقنية جي بي تي-3، وهي نموذج لغوي قوي يستخدم الذكاء الاصطناعي، وقد نراه يكتب سيناريوهات الأفلام والحوارات المتلفزة والأغاني قريبًا.
شهدنا خلال الأعوام القليلة الماضية جيلًا جديدًا من تطبيقات الذكاء الاصطناعي ذات قدرات لم يعهدها الناس سابقًا، منها انتصار الذكاء الاصطناعي على أبطال العالم في ألعاب متطورة، وابتكار شبكات عصبية للوحاتٍ سريالية، إلى أن وصلنا أخيرًا إلى الإعلان عن تقنية غير مسبوقة، تسمى جي بي تي-3، تمتاز بمهارات الفهم والقدرة على تأليف القصص والنصوص والقصائد والرموز الحاسوبية، ونعلم أن ذلك لن يكون نهاية المطاف في هذا المجال! لكن ما القصة؟
باختصار، طور مختبر أوبن إيه آي التقنية اللغوية الجديدة، وصدرت نسخة تجريبية محدودة خلال شهر يوليو/تموز 2020. وتعتمد على الشبكات العصبية لتوليد نصوص شبيهة بما يكتب البشر من خلال التنبؤ اللغوي. وخضعت التقنية لتدريبٍ مكثف باستخدام 175 مليار مدخل تتضمن نصوصًا من شبكة الإنترنت وويكيبيديا ومنشورات المنتديات ومصادر أخرى. وهذا أكثر من عشرة أضعاف المدخلات التي استخدمت في تدريب الخوارزميات السابقة. وتستخدم التقنية نهجًا غير مسبوق، وهو التعلم غير الخاضع للإشراف إذ تطور الروابط والاستدلالات بمفردها.
يجري المطورون في المرحلة التجريبية مجموعة من الاختبارات يقدمون فيها للخوارزمية مدخلات محدودة ويطلبون منها إكمال الجمل والفقرات والمحادثات. وعلى الرغم من أن النتائج لم تصل بعد إلى الكمال، لكنها أفضل كثيرًا من نتائج الأجيال السابقة من التقنيات المشابهة. وفتح ذلك الباب واسعًا أمام النقاشات الموسعة عن فرص التقنية الجديدة وتطبيقاتها مستقبلًا.
فإذا نجحت التقنية الجديدة في تلك الاختبارات ستشكل إنجازًا مدهشًا. إذ يثق المتحمسون لها في قدرتها على توليد النصوص الصعبة التي يتفرد بها البشر، مثل المقالات و البيانات الصحافية والملخصات المالية والتقارير الرياضية والكتيبات الإرشادية. وتحدثت بعض المقالات على وسائل التواصل الاجتماعي عن قدرتها على تأليف الملفات المالية تلقائيًا للشركات الناشئة. ويتوقع آخرون أن تستخدم في إنشاء المواقع الإلكترونية الموضوعية المرتبطة بجوجل بدلًا من نتائج البحث.
وتصدر طالب جامعي عناوين الأخبار عندما نجح في استخدام التقنية الجديدة في توليد منشورات لمدونته عن الإنتاجية، وحصدت هذه المنشورات قراءات عديدة على موقع هاكرنيوز دون أن يدري القراء أن من كتبها ليس إلا الذكاء الاصطناعي.
ويرى آخرون أن التقنية الجديدة قد تؤدي أعمال أكثر إبداعًا، مثل كتابة السيناريوهات والروايات القصيرة والقصائد والمحادثات. وذكر الباحث جيرن برانوين في مدونته مؤخرًا أن النماذج التي أنتجتها التقنية كانت إبداعية وبارعة وجميلة. وقال إن التقنية أظهرت قدرة كبيرة على معالجة الملخصات بصورةٍ تفوق التقنيات السابقة. ويعمل المطورون أيضًا على استخدام التقنية في إنشاء شخصيات الخيال العلمي.
وسنشهد خلال الأعوام الخمسة المقبلة كثيرًا من حوارات الأفلام والمسلسلات والأغاني التي تنتجها الأجيال المتعاقبة من التطبيقات اللغوية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي. وبدأت منصات كبرى مثل نتفلكس وسبوتيفاي في إنتاج مفاهيم جديدة للأفلام وقوائم التشغيل استنادًا إلى أنماط المستهلكين.
وركزت أغلب التعليقات على قدرة التقنية الجديدة على توليد النصوص باستخدام التفكير المتقدم وعدم اقتصارها على جمع الجمل من مكان آخر ودمجها معًا. لكنها تنتج العبارات المناسبة للسياق اعتمادًا على مئات المليارات من الأمثلة التي قدمها إليها المطورون.
وفي المقابل، تحدث بعض الأشخاص الذين اختبروا التقنية عن فشلها في محاولات عديدة لإنتاج نصوص متماسكة وعقلانية. وقال أحد الخبراء أنه يمكن إنشاء عرض جيد من خلال تجميع أفضل الأجزاء في النصوص التي تنتجها التقنية. وأضاف أن التقنية قد تستخدم نموذج التعلم غير القابل للإشراف لكن علينا مراجعة نواتجها بدقة.
ويرى الخبراء أن التقنية تؤدي المهام التي صممت من أجلها، والتي تتضمن استخدام مجموعة ضخمة من الأمثلة لتوليد النصوص. لكن جاري ماركوس وإرنست ديفز، خبيرا الذكاء الاصطناعي، انتقداها في مقالٍ في موقع إم آي تي تكنولوجي ريفيو وقالا إن التقنية الجديدة تغفل السياق والثقافة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن معظم النقاد يرون أن التقنية الجديدة، كغيرها من النماذج وبرامج المحاكاة، تمثل خطوةً مهمة في سبيل الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام.
لكن ذلك لا يعني أننا يجب أن نتخلى عن الذكاء الاصطناعي في إنجاز مهام من مستوى أدنى، إذ تعمل الشركات منذ عدة أعوام على تطوير برامج لكتابة الأخبار والمساعدة في كتابة الرسائل. وتخطط شركة أوبن إيه آي لطرح تقنيتها الجديدة على المستوى التجاري قريبًا. ويلعب تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي حاليًا دورًا مهمًا في حياتنا اليومية، مثل تنظيم الرحلات الجوية والمساعدة في قيادة السيارات والتقاط الصور وإدارة الهواتف الذكية.
وأدت زيادة تطبيقات الذكاء الاصطناعي العام إلى التأقلم مع أوجه قصورها. وستشهد الأعوام المقبلة تطوير هذه التطبيقات ومعالجة مشكلاتها.
The post عندما يكون الكاتب روبوتًا متنكرًا؟ appeared first on مرصد المستقبل.