أكدت كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية الدكتورة سوميا سواميناثان، السبت، أن سبب القلق بشأن السلالتين المتغيرتين الأخيرتين من فيروس كورونا يرجع إلى كونهما أكثر ميلًا للانتشار بشكل أسرع، وبالتالي فإنها أكثر قابلية للانتقال ونشر العدوى. ولكن لا يبدو حتى الآن أنهما تسببان حالات مرضية أكثر خطورة أو معدل وفيات أعلى أو أي نوع من المظاهر السريرية المختلفة.
وسجل العالم أكثر من 816,656 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية. وفي حصيلة قياسية جديدة حول العالم وصل عدد الوفيات خلال يوم واحد إلى 15 ألف حالة، ليصل إجمالي الوفيات جراء الفيروس 1,914,057 شخصا حول العالم.
جاء تصريح الدكتورة سواميناثان خلال لقاء أجرته معها فيسميتا جوبتا سميث، في الحلقة رقم 20 من المجلة المتلفزة "العلوم في خمس"، التي يبثها موقع منظمة الصحة العالمية بغرض التوعية والتثقيف بشأن كل ما يتعلق بفيروس كورونا المُستجد، والذي تناول بالتفصيل كل المعلومات عن السلالات المتحورة من الفيروس وجدوى اللقاحات المضادة للفيروس وهل تجدي نفعًا ضد السلالات الجديدة.
وقالت الدكتورة سواميناثان: "منذ بداية العام، كنا نتتبع هذا الفيروس ونعلم أنه مر بالعديد من التغييرات، وكان هناك متغيرات أخرى قبل السلالات الأخيرة التي عرفتم عنها مؤخرًا. وفي هذا الوقت بالذات، كان هناك نوعان مختلفان من المتغيرات التي تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية بها. وتم التعرف على أحدهما في المملكة المتحدة والآخر في جنوب إفريقيا، وما لفت الانتباه إليهما هو حدوث تغيير واحد مشترك، يسمى طفرة N501Y. لكن على خلاف ذلك فإن السلالتين مختلفتان. والسبب وراء القلق منهما هو أن هذين المتغيرين ارتبطا بزيادة في عدد الحالات في كلا البلدين".
الجزء المثير للقلق
وأوضحت الدكتورة سواميناثان أن العلماء قاموا بالفعل بدراسة هذه المتغيرات وتبين أنها تميل إلى الانتشار بشكل أسرع، فهي أكثر قابلية للانتقال أو أكثر عدوى. إن هذا هو الجزء المثير للقلق. ولكن لا يبدو حتى الآن أنها تسبب مرضًا أكثر خطورة أو معدل وفيات أعلى أو أي نوع من المظاهر السريرية المختلفة. يبدو أن السلالتين المتحورتين من فيروس كورونا تتشابهان إلى حد كبير مع السلالات السابقة وتسببان نوعًا مشابهًا من المرض.
اللقاحات توفر الحماية
وحول اللقاحات التي يحصل عليها المواطنون في عدد من البلدان ومدى الحماية التي توفرها ضد المتغيرات التي طرأت مؤخرا على فيروس كوفيد-19، شرحت الدكتورة سواميناثان أن الشركات المصنعة للقاحات تضع هذه النقطة المهمة للغاية في الاعتبار، مشيرة إلى أن هناك بعض اللقاحات ضد أمراض معينة، مثل الحصبة، لا تحتاج إلى تغييرها على الإطلاق، لأنه يحقق نتائج جيدة إلى حد كبير طوال الوقت.
ولكن يوجد أيضًا لقاحات مثل اللقاح ضد فيروس الإنفلونزا، التي يتعين تغيير بنيته كل عام، بناءً على السلالات المنتشرة. وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة سواميناثان أن منظمة الصحة العالمية تتولى التنسيق في كل ما يتعلق بهذه الشبكة العالمية، التي تحدد فعليًا السلالة التي يجب استخدامها كل عام.
واستطردت الدكتورة سواميناثان قائلة: "الآن بالنسبة إلى كورونا، يتم مراقبة الوضع عن كثب وتتطور المعرفة والمعلومات بمرور الوقت. ولكن في الوقت الراهن، يعتقد معظم العلماء أن اللقاحات التي هي قيد التطوير حاليًا، بالإضافة إلى اللقاحين اللذين تمت الموافقة عليهما من جانب منظمة الصحة العالمية، توفر الحماية ضد السلالات المتحورة، لأنها تساعد على تحقيق استجابة مناعية واسعة إلى حد ما، من خلال مجموعة من الأجسام المضادة والاستجابات المناعية الخلوية. ولذا فإن بعض التغييرات أو الطفرات في الفيروس يجب ألا تجعل هذه اللقاحات غير فعالة، علاوة على أنه، في الوقت الحالي، يتم إجراء دراسات في مختبرات حول العالم لتأكيد ذلك بالفعل".
احتمال ضئيل
وأردفت الدكتورة سواميناثان قائلة: إنه حتى في ظل وجود احتمال ضئيل بأن اللقاحات الحالية ستكون أقل فعالية ضد أحد هذين الفيروسين المتحورين أو كليهما، فإنه وفقًا للطريقة التي يتم بها تطوير اللقاحات، فسيكون من الممكن في الواقع تغيير تكوين المستضدات واللقاحات بسرعة كبيرة.
سيناريو الإجراءات الاحترازية
أما عن السيناريو الجديد والإجراءات الاحترازية في ضوء المتغيرات الأخيرة، أشارت الدكتورة سواميناثان إلى أن فيروس كورونا لا يزال يتصرف وينتشر بنفس الطريقة، وبالتالي فإنه كلما حصل على الفرصة للانتشار والتكاثر داخل البشر، زادت فرص استمرار قدرته على التحور، في إطار خصائصه الطبيعية المعروفة.
ونصحت بأن هناك حاجة ملحة لتقليل احتمالات انتشار العدوى، موضحة أن التحاليل التي تكشف إيجابية الحالات تساعد على توفير العزل الصحي الداعم، وما يشتمل عليه من عمليات تتبع وتعقب، وحجر صحي لجميع جهات الاتصال.
وأكدت كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية على ضرورة الالتزام بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامات الواقية مع تجنب التواجد في الأماكن المزدحمة والمغلقة، بالإضافة إلى غسل اليدين والبقاء في المنزل إذا كان الشخص مريضًا، مشيرة إلى أن كل هذه الإجراءات مجتمعة من شأنها أن تحدث فرقًا بالتأكيد في خفض معدلات انتشار العدوى.
وقالت الدكتورة سواميناثان، في ختام حديثها، إن العالم الآن في مرحلة حرجة للغاية بالنسبة للبشرية ولابد من تضافر الجهود في كل أنحاء العالم لتقليل انتقال العدوى وهو الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى المساعدة في تقليل مقدار التحور والتغيير الفعلي للفيروس المسبب لمرض كوفيد-19.