بفضل نابليون بونابرت، تمكنت الجمهورية الفرنسية، أثناء فترة حكومة المديرين، من وضع حد لحربها مع النمسا عن طريق توقيع معاهدة كامبوفورميو (Campoformio) يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر 1797. وفي الأثناء، تواصلت الحرب الفرنسية البريطانية، التي تلت الثورة الفرنسية، طيلة السنوات التالية. فبينما اتجه بونابرت بقواته صوب مصر، استغلت بريطانيا بقيادة رئيس الوزراء وليام بيت (William Pitt) المشاكل بروما لتضم إلى صفوفها كل من النمسا وروسيا والدولة العثمانية ومملكتي صقلية ونابولي وتباشر بمهاجمة الأراضي الفرنسية بالقارة الأوروبية.
الروس قرب الحدود الفرنسية
عقب نجاحه في غزو سويسرا في وقت سابق، اصطحب الجنرال الفرنسي غيليوم برون (Guillaume Brune) قواته في حملة عسكرية نحو أراضي الجمهورية الباتافية (Batavian Republic) لطرد الجيوش البريطانية التي نزلت بالمنطقة. وعلى الرغم من تفوقهم العددي، فشل البريطانيون في تحقيق النصر وتعرضوا لهزيمة قاسية على يد الجنرال برون مما ساهم في إنقاذ الشمال الفرنسي.
وبالجنوب، اختلف الوضع عن الشمال. في الدويلات الإيطالية، فقد الفرنسيون التقدم العسكري الذي حظوا به بالجمهورية الصغيرة التي أسسها بونابرت واضطروا للتراجع نحو الألب. وبالتزامن مع ذلك، تدخلت قوات القوزاق الروسية بقيادة الجنرال سوفاروف (Souvarov) لأول مرة بتاريخها بأوروبا الغربية، فعبرت نحو الشمال الإيطالي وتمكنت من إلحاق الهزيمة بقوات الجنرالين الفرنسيين مورو (Moreau) وجوبرت (Joubert) وتمركزت قرب الحدود الفرنسية الإيطالية في انتظار الإشارة لعبور الآلب والنزول ببروفنس (Provence) الفرنسية.
هزيمة مذلة للروس
ولمنع التدخل الروسي بأراضيهم، اضطر الفرنسيون لخوض معركتهم عند منطقة زيوريخ السويسرية. فخلال صيف عام 1799، امتلك الجنرال الفرنسي أندريه ماسينا (André Masséna) نحو 75 ألف جندي بين منطقتي غوتهارد باس (Gotthard Pass). وقد أوكل الأخير حينها لرفيقه الجنرال كلود جاك لوكورب (Claude Jacques Lecourbe) مهمة الدفاع عن ممرات جبال الألب ضد كل من النمساويين والروس بقيادة الجنرال الروسي ألكسندر كورساكوف (Alexander Korsakov).
وبشكل مفاجئ، طلبت القيادة العسكرية النمساوية، بعد موافقة نظيرتها الروسية، من الجنرال سوفاروف الانسحاب من قرب الحدود الفرنسية والعودة أدراجه عبر شمال إيطاليا لمؤازرة بقية حلفائه متخلية بذلك عن خطة غزو فرنسا مؤقتا. وبينما عبرت قوات الدوق النمساوي تشارلز عبر طريق الراين (Rhin)، فضّل سوفاروف مواصلة طريقه نحو زيوريخ للالتحاق برفاقه مرورا بمنطقة غوتهارد باس السويسرية.
وقرب زيوريخ، جرت ما بين يومي 25 و26 أيلول/سبتمبر 1799 أطوار معركة انتهت بتلقي الروس لهزيمة مذلة أجبرتهم على الرحيل، حيث نجحت جيوش الجنرال أندريه ماسينا في السيطرة على زيوريخ التي كانت سابقا مركز قيادة الجيش الروسي بالمنطقة. وقد خسر الروس أثناء معركة زيوريخ نحو 18 ألف جندي بين قتيل وجريح وأسير بينما لم تتخط الخسائر الفرنسية بضعة آلاف.
وبفضل هذه الهزيمة المذلة للروس أنقذ الفرنسيون بلادهم من الغزو. وخلال الأيام التالية، انتقد القيصر الروسي بول الأول (Paul I) بشدة نتائج المعركة وانسحب من الحرب مهددا حلفاءه بالالتحاق بالفرنسيين.