على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه، بخصوص قضية المساواة، بين الجنسين، إلا أن دول العالم كافة، لم تحقق بعد، هدف المساواة بين المرأة والرجل. حقيقة صادمة أعلنتها الأمم المتحدة، في معرض احتفالها، باليوم العالمي للمرأة، الثامن من آذار/ مارس.
والثامن من آذار/ مارس، من كل عام، يوم عالمي للمرأة، تختلط فيه دوافع الاحتفال بدوافع الشجب والاستنكار، ذلك أنه هو اليوم المعني بتسليط الضوء، على ما تعانيه المرأة حول العالم، وفي جميع الثقافات، بحسب تقارير الأمم المتحدة، من تمييز يقوم على الجنس، وما يترتب عليه، من ظلم يلحق بالمرأة على جميع الصعد، في العمل والمنزل والحياة العامة، ومختلف المظاهر الاجتماعية.
قرن المساواة الغائبة
في المقابل، يوم المرأة العالمي، هو مناسبة للاحتفال، بدور المرأة في جميع مناحي الحياة، إلى جانب الرجل، من خلال تسليط الضوء على نساء بارزات، تركن تأثيرات جمة وعميقة، في مختلف إبداعات العلم والمعرفة والفن والثقافة. وعبّر موقع البحث الشهير، جوجل، بطريقته عن هذا الاحتفال، من خلال صور متحركة، تظهر دور المرأة الريادي، في جميع المجالات الإبداعية والعلمية.
وكان أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، قد عبّر عن أمله، بأن يكون القرن الحادي والعشرون، هو قرن المساواة بين الرجل والمرأة، إلا أن إحصائيات الأمم المتحدة، لا تزال حتى الآن، مخيبة للآمال، حيث ورد فيها، أن 60% من النساء حول العالم، يعملن في ما يعرف بالاقتصاد غير الرسمي، ما يعني مكاسب أقل، لا تتناسب مع حجم مشقتهن، مما يعرضهن، أكثر، للوقوع في براثن الفقر.
ولأسباب تتعلق بالتمييز، تكسب النساء، أقل من الرجال، في العمل نفسه، بحسب الأمم المتحدة التي أكدت أن المرأة تكسب أقل من الرجل، بما مقداره 23% من أجر الرجل. إلا أن الصورة القاتمة لا تقف عند حد الأجر الأقل للمرأة، مقابل أجر الرجل، بل لا تزال قضية تعرض النساء حول العالم، للعنف الجسدي أو الجنسي، تصيب ثلث نساء كوكب الأرض، بحسب إحصاء رسمي للمنظومة الدولية.
الهبوط على القمر!
لقد كان الهبوط على القمر، بحسب تقرير للأمم المتحدة، رغم ما يحمله من تقدم علمي هائل غيّر تاريخ البشرية، ممكناً، ومنذ أكثر من نصف قرن، إلا أن ملياري امرأة ونصف المليار، هو الرقم الأممي لعدد النساء المحرومات من اختيار الوظائف، كسائر الرجال، بل إن كل ثلاث نساء، بينهن، واحدة تعاني من العنف القائم على النوع.
ومع جائحة كوفيد التي هزّت العالم، على مختلف الصعد، كانت المرأة، مجددا، في الواجهة، مما ترتب عليه، زيادة الأعباء الملقاة على النساء الرازحات أصلا، تحت عبء العمل في الاقتصاد غير الرسمي المفضي إلى حرمانهن من حقوقهن المادية ووقوعهن في براثن الفقر. ولهذا، أصرّت الأمم المتحدة، باحتفاليتها للعام الجاري، بيوم المرأة، أن يكون شعار تحقيق المساواة بين الجنسين، والموضوع كهدف مستقبلي عام 2030 هو العنوان الأبرز.
في الصفوف القيادية
وأكدت الأمم المتحدة على موقعها الالكتروني الرسمي، أن موضوع احتفالية هذا العام، بيوم المرأة العالمي، سيكون تحت عنوان: "المرأة في الصفوف القيادية، لتحقيق مستقبل من المساواة، في عالم كوفيد-19" للاحتفاء بالجهود التي تبذلها المرأة، عالميا، من أجل التعافي من جائحة الفيروس المستجد كورونا، وكذلك من أجل الحض على بناء مستقبل من المساواة بين الجنسين، تكون المرأة فيه مشاركة في صنع القرار في جميع مجالات الحياة، ومنحها حقوقها في الأجر المساوي أجر الرجل، ومقاسمتها مشقة العمل المنزلي، وإنهاء مظاهر العنف كافة التي تتعرض لها، في مختلف دول وثقافات العالم.
يوم واحد لا يكفي
في غضون ذلك، تخصيص يوم للاحتفاء العالمي بالمرأة، والتنديد بمظاهر الظلم الاجتماعي الواقع عليها، على مختلف المجالات، لم يكن كافياً، على ما يبدو للتعامل مع تلك القضية الكونية، فبسبب تعدد أشكال القهر الذي تتعرض له النساء، أصبح هناك، يوم رديف يتصل به، وهو اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، في 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، ويتصل به، اليوم الدولي للطفلة، أو للمراهقة، والمحدد بيوم 11 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، وكذلك اليوم العالمي لعدم التسامح مع تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، في 6 شباط/ فبراير من كل عام.
من رحم النضالات العمالية
ويشار في هذا السياق، إلى أن أسباب تخصيص يوم عالمي للمرأة، منفصلا عن الأيام الدولية ذات الصلة، جاء لكون يوم المرأة العالمي، قد ولد من رحم نضالات عمّالية حقوقية، أوائل القرن الماضي، في المقام الأول. وفيما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، عام 1977، وكان ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 قد نص على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، كانت النضالات النسوية العمالية، قد بدأت قبل عقود، بشق الطريق للمطالبة بحقوق مختلفة للمرأة، كالحق في التصويت.
2021 عام النساء والفتيات
وتبرز تاريخية ولادة اليوم العالمي للمرأة، ارتباطه بالتنديد بظروف العمل غير العادلة والقائمة على التمييز بين الجنسين، منذ مطلع القرن الماضي، وكذلك ارتباطه بتحصيل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية، للمرأة، سواء في الولايات المتحدة الأميركية بين عامي 1848 و1909، وروسيا البلشفية عام 1917، ودول في القارة الأوربية بدءا من عام 1910.
ويحتفل عالميا، بيوم المرأة، بتسليط الضوء على نساء رائدات في مختلف المجالات، وذلك للتذكير بأن التمييز القائم على النوع، يؤدي إلى حرمان البشرية من 50% من طاقتها الإبداعية المتمثلة بالمرأة. ولهذا "فليكن عام 2021 عام النساء والفتيات في كل مكان" بحسب الأمم المتحدة.