جوزيف ستالين ولد بمدينة غوري بجورجيا يوم 18 ديسمبر عام 1878 لعائلة عانت من ويلات الفقر وأب مدمن للكحول، على حسب العديد من المؤرخين، تصنّف فترة حكم جوزيف ستالين للاتحاد السوفيتي، التي استمرت لنحو ربع قرن وانتهت بوفاته عام 1953، كواحدة من أكثر الفترات الدموية بالتاريخ الإنساني. فطيلة السنوات التي أحكم خلالها قبضته على الاتحاد السوفيتي، تسبب ستالين في مقتل أكثر من 20 مليون شخص، توفي جلّهم إما بسبب المجاعة أو بسبب الإرهاق بمراكز العمل القسري أو عن طريق الإعدامات.
وقبل حصوله على مقاليد الحكم المطلق بالاتحاد السوفيتي، لم يتردد هذا القائد والمسؤول الهام بالحزب الشيوعي في تحويل موطنه الأم جورجيا، الذي ولد به وتحديدا بمدينة غوري (Gori) يوم 18 ديسمبر 1878، لكومة من الخراب.
غضب شعبي بجورجيا
وتعود وقائع هذه الحادثة للفترة التي تلت نجاح الثورة البلشفية. فمع دخولهم للعاصمة الجورجية تبليسي ونجاحهم في طرد الحكومة منها، أعلن البلشفيون قيام جمهورية جورجيا الاشتراكية السوفيتية التي أصبحت جزءا من الاتحاد السوفيتي يوم 25 شباط/فبراير 1921.
إلى ذلك، لقي هذا الأمر معارضة من قبل أغلبية الجورجيين الذين فضّلوا الحفاظ على استقلالهم والابتعاد عن سلطة موسكو. وبينما صنّف حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الجورجي، ذو التوجهات الماركسية، كأكبر حزب بالبلاد بفضل امتلاكه لما يزيد عن 60 ألف عضو، لم يوافق سوى 10 آلاف فقط منهم على مساندة قضية البلشفيين بموسكو.
من ناحية أخرى، أسفرت السياسة التي قادها أنصار فلاديمير لينين في تزايد الغضب الشعبي بجورجيا. فخلال فترة وجيزة، تفشت الكوليرا والمجاعة بالبلاد، تزامنا مع بداية اعتماد سياسة الزراعة الجماعية والمشتركة. فضلا عن ذلك، اتجه البلشفيون للتفريط في بعض من أراض جورجيا لصالح كل من أذربيجان وأرمينيا وتركيا، مثيرين بذلك غضب الجورجيين، خاصة أولئك المنتمين للطبقة العاملة، الذين باشروا بتنظيم أنفسهم ضمن حركات ثورية مناهضة للبلشفيين. ومع ملاحظتها لتزايد حدّة التوتر بجورجيا، لم تتردد السلطات السوفيتية بموسكو في إرسال مزيد من أفراد الشرطة السرية، المعروفة حينها بالتشيكا (Cheka)، نحو هذه المنطقة لتصعّد بذلك حملات الاعتقال ضد أفراد المعارضة الذين سرعان ما أعدموا رميا بالرصاص أمام العامة.
سحق الثورة على يد ستالين
أمام هذا الوضع، أعلنت لجنة استقلال جورجيا، التي تشكلت خلال شهر أيار/مايو 1922 وضمت في صفوفها أفرادا من الأحزاب السابقة الرافضة للهيمنة السوفيتية والمطالبة بعودة دولة جورجيا المستقلة، العصيان والثورة على موسكو يوم 28 آب/أغسطس 1924.
إلى ذلك، أرسلت موسكو مزيدا من قوات الجيش الأحمر والتشيكا نحو جورجيا التي فرض عليها حصار خانقا لمنع دخول أية أسلحة إليها. وفي الأثناء، قاد كل من جوزيف ستالين، ذو الأصول الجورجية، وسيرجو كونستانتينوفيتش (Sergo Konstantinovich) ولافرينتي بيريا (Lavrenti Beria) الحملة على جورجيا التي انتهت في غضون بضعة أيام بسحق الثورة تزامنا مع استخدام الجيش الأحمر للمدفعية والطيران الحربي لقصف مناطق عدّة مثل غوريا بغرب البلاد. وأثناء حديثه عن العمليات العسكرية بوطنه الأم، أكد القائد المستقبلي للاتحاد السوفيتي جوزيف ستالين على ضرورة سحق جورجيا بشكل كامل.
أثناء المعارك ضد الجيش الأحمر، لقي 3 آلاف جورجي مصرعهم. وخلال الفترة الممتدة بين يومي 28 آب/أغسطس و5 أيلول/سبتمبر 1924، أعدمت موسكو ما يزيد عن 12 ألف شخص واتجهت خلال الأيام التالية لترحيل أكثر من 20 ألفا آخرين نحو مناطق نائية بسيبيريا.