على مدار نحو 20 عاما، تابع العالم ما بين منتصف خمسينيات ومنتصف سبعينيات القرن الماضي أهوال حرب فيتنام التي مثلت واحدة من أكثر النزاعات دموية بالقرن الماضي، حيث أسفرت سنوات القتال حينها عن سقوط ملايين القتلى.
إلى ذلك، شهدت هذه الحرب استخدام العديد من الأسلحة والمكونات الكيماوية القاتلة. وإضافة للنابالم (Napalm) والعامل البرتقالي، كادت حرب فيتنام أن تشهد استخداما للأسلحة النووية.
ففي فترة متقدمة من النزاع، ناقشت إدارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون إمكانية استخدام النووي ضد فيتنام الشمالية لإجبارها على القبول بمفاوضات السلام ضمن سيناريو مشابه لذلك الذي حصل قبل عقود ضد الإمبراطورية اليابانية بالحرب العالمية الثانية.
مفاوضات السلام
بعد سنوات من القتال الدامي، شهد العام 1968 بداية مفاوضات السلام التي حاول من خلالها الفرقاء إنهاء حالة الحرب بين شمال وجنوب فيتنام. وبعد سنوات من الاجتماعات المتقطعة، أسفرت المفاوضات عن توقيع معاهدة باريس يوم 27 يناير 1973 التي ضمت كلا من فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية والحكومة الثورية المؤقتة والولايات المتحدة الأميركية.
وقد مهدت هذه المعاهدة الموقعة بباريس الطريق للأميركيين للانسحاب من فيتنام.
وقبل توقيع معاهدة باريس بنحو 4 سنوات، تخوف الأميركيون من إمكانية رفض فيتنام الشمالية للشروط الأميركية مما قد ينذر بانهيار المفاوضات وتواصل الحرب.
أمام هذا الاحتمال، وضعت الإدارة الأميركية خطة لشن غارات جوية مكثفة على أهداف استراتيجية بفيتنام الشمالية.
خطة قصف فيتنام بالنووي
إلى ذلك، حملت هذه الخطة اسم داك هوك (Duck Hook). وبموجبها، دعت الإدارة الأميركية لتوجيه ضربات نووية لأهداف عسكرية واقتصادية قرب مدن ها فونغ (Haiphong) وهانوي (Hanoi) كما أيد المسؤولون العسكريون الأميركيون حينها توجيه ضربات نووية أخرى لعدد من الطرق الرئيسية الرابطة بين شمال فيتنام وجمهورية الصين الشعبية أملا في قطع الإمدادات الصينية عن المنطقة. وفي خضم نفس هذه العملية العسكرية، وافقت الإدارة الأميركية على استهداف الجسور والسدود والحواجز المائية بفيتنام الشمالية بهدف تخريب المحاصيل الزراعية.
أثناء المشاورات حول عملية داك هوك، دعا مستشار الأمن القومي هنري كيسنجر (Henry Kissinger) الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون للاستعداد لتوجيه ضربة قاسية لفيتنام اعتمادا على الأسلحة النووية في حال عدم تجاوب الشماليين مع مفاوضات السلام والشروط الأميركية.
لكن بحلول يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر 1969، تراجع كيسنجر عن دعوته بشن ضربات نووية ضد فيتنام الشمالية ضمن عملية داك هوك. وبعدها بنحو أسبوعين، تخلى الرئيس الأميركي نيكسون عن الفكرة مطلع تشرين الثاني/نوفمبر واعتبرها غير واقعية بسبب عوامل عديدة كتراجع التأييد الشعبي للحرب بفيتنام وتعالي الأصوات المطالبة بسحب القوات الأميركية منها ورفض كل من وزيري الخارجية والدفاع لمبدأ استخدام السلاح النووي لفرض السلام.