بالقرن الماضي، عاش الاتحاد السوفيتي ما بين عامي 1936 و1938 على وقع إحدى أكثر الفترات دموية على مر تاريخه. فعقب عملية اغتيال سيرغي كيروف، أمر ستالين ببدء سياسة التطهير الكبير التي أسفرت خلال تلك الفترة عن مقتل ما لا يقل عن 700 ألف شخص ممن اتهموا بمعارضة السياسة الستالينية والتعاون مع الفاشيين لتخريب البلاد.
وأثناء التطهير الكبير، اعتمد القائد السوفيتي جوزيف ستالين على المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية، المعروفة أكثر باسم إن كيه في دي (NKVD) وجمعت بين أنشطة الشرطة والشرطة السرية، لملاحقة أعدائه المحتملين. وعلى رأس هذا الجهاز الأمني السوفيتي، تواجد حينها رجل، لطالما ما وصف بكونه ساديا، حمل اسم نيقولاي يجوف (Nikolai Yezhov). وقد نفّذ يجوف أوامر ستالين بالحرف الواحد قبل أن يتحول فيما بعد لواحد من ضحاياه.
تدرج بالمناصب
إلى ذلك، تشير أغلب المعطيات لمولد نيقولاي يجوف عام 1895 بمدينة سانت بطرسبرغ لعائلة فقيرة. وقد أنهى الأخير تعليمه الابتدائي والتحق للعمل كمساعد خياط بأحد المصانع. فضلا عن ذلك، خدم نيقولاي يجوف بالجيش القيصري الروسي أثناء الحرب العالمية الأولى قبل أن ينخرط عام 1917 بالحركة البلشفية.
خلال فترة الحرب الأهلية التي اندلعت في أعقاب الثورة البلشفية، عمل يجوف بالجيش الأحمر ما بين عامي 1917 و1922.
عقب شباط/فبراير 1922، انتدب هذا الشاب البالغ من العمر 26 عاما للعمل كسكرتير بالعديد من المكاتب المحلية للحزب الشيوعي. وسنة 1927، تم نقله للعمل بقسم المحاسبة والتوزيع بالحزب الشيوعي قبل أن يشغل فيما بعد منصب رئيس بعدة دوائر بالحزب الشيوعي تراوحت بين أقسام الشؤون الخاصة وشؤون الموظفين والصناعة.
بحلول عام 1934، انتخب نيقولاي يجوف باللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وفي العام التالي أصبح أمينا عاما للجنة المركزية بالحزب أثناء فترة بسط خلالها جوزيف ستالين سلطته على كامل البلاد.
عقب حادثة اغتيال سيرغي كيروف عام 1934، تغيّرت حياة يجوف بشكل تام. فمع إقالة سلفه غينريخ ياغودا (Genrikh Yagoda)، عيّن يجوف أثناء شهر أيلول/سبتمبر 1936 رئيسا للمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية ليباشر بتنفيذ أوامر ستالين بملاحقة من سماهم بأعداء الشعب.
حكم بالإعدام
أثناء فترة يجوف، اعتقل ما بين عامي 1937 و1938 أكثر من 1.3 مليون مواطن سوفيتي أعدم حوالي 700 ألف منهم رميا بالرصاص بتهم مختلفة تراوحت أساسا بين العمالة للفاشيين والجرائم ضد الدولة.
إضافة لذلك، أرسل نحو 680 ألفا من المتهمين نحو مراكز العمل القسري، المعروفة بالغولاغ، بالمناطق النائية من البلاد وقد فارق نحو 140 ألفا من هؤلاء المعتقلين الحياة بسبب الجوع وظروف العمل القاسية. وبفضل هذا العدد المرتفع من الضحايا وطوله الذي بلغ 157 سنتيمترا، نال يجوف لقب القزم الدموي.
لإنهاء فترة التطهير الكبير وتبرير هذا العدد الكبير من الضحايا، احتاج جوزيف ستالين لكبش فداء يحمّله المسؤولية. ومع اتهامه بإهمال المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية وتركها عرضة للتدخل الأجنبي، حاول يجوف إنقاذ نفسه فباشر بعملية تطهير طالت الآلاف ممن عملوا سابقا لصالح جهاز التشيكا (Cheka) الأمني.
بل لم يكن كل هذا كافيا لإنقاذه. وخلال شهر نيسان/أبريل عام 1939، اعتقل نيقولاي يجوف بعد أن أزيح من منصبه. وأثناء فترة التحقيق، وجهت للأخير تهم عدة كتقديم معلومات كاذبة وتضليل ستالين واستغلال النفوذ والمنصب وقتل الأبرياء وسرقة الممتلكات والتخابر مع أطراف أجنبية. وعلى الرغم من اعترافه بجميع هذه التهم الموجهة إليه، أعلن يجوف أثناء جلسات المحاكمة عن رفضه القاطع لها مؤكدا أنه قبل بها تحت وطأة التعذيب.
لاحقا، نال يجوف حكما بالإعدام رميا بالرصاص تم تنفيذه يوم 4 شباط/فبراير 1940. وبالفترة التالية، تم إلغاء اسم يجوف من جميع المنشورات الدعائية كما محي من الصور التي تواجد بها رفقة ستالين.