يوم السادس من شهر نيسان/أبريل 1917، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية رسميا دخولها الحرب العالمية الأولى. فعقب اعتراض برقية زيمرمان (Zimmermann) التي عرض من خلالها الألمان على المكسيكيين تحالفا موجها ضد الأميركيين، لم تتردد الولايات المتحدة في إعلان الحرب على الإمبراطورية الألمانية.
إلى هذا، ساهم التدخل الأميركي خلال شهر نيسان/أبريل 1917 في قلب موازين الحرب حيث أرسل الأميركيون ملايين الجنود نحو الجبهة الغربية لدعم كل من فرنسا وبريطانيا ضد الجيش الألماني المنهك القوى بسبب تواصل الحرب لأكثر من 32 شهرا على جبهتين.
وفي خضم هذه الأحداث، حاول الألمان بشكل يائس مهاجمة الأراضي الأميركية. فإضافة لعملية بلاك توم (Black Tom) التي شنها جواسيس ألمان، يذكر التاريخ حادثة الهجوم على أورلينس (Orleans) بولاية ماساتشوستس (Massachusetts) عام 1918 الذي أسفر عن غرق عدد من السفن الأميركية.
غواصة ألمانية قرب السواحل الأميركية
صبيحة يوم 21 تموز/يوليو 1918، اقتربت الغواصة الألمانية يو 156 (U-156)، بقيادة الكابتن ريتشار فيلدت (Richard Feldt)، من السواحل الشمالية الأميركية محاولة قطع كابل الاتصال البحري الذي ربط بين أورلينس بولاية ماساتشوستس ومدينة برست (Brest) الساحلية الواقعة بالشمال الغربي الفرنسي.
وأثناء بحثه عن كابل الاتصال البحري، انزعج الكابتن ريتشارد فيلدت من اقتراب القاطرة البحرية الأميركية بيرث أمبوي (Perth Amboy) التي كانت مرفوقة بعدد من سفن الشحن الأخرى. وفي خضم هذه الأحداث، أطلقت الغواصة الألمانية يو 156 طربيدين، فشلا في إصابة هدفيهما، نحو السفن الأميركية. وبعد لحظات ظهرت يو 156 بشكل مفاجئ قبالة سواحل أورلينس وأطلقت قذيفتين من المدفع الموجود على سطحها متسببة في إغراق 3 من زوارق الشحن وتخريب القاطرة البحرية بيرث أمبوي.
تزامنا مع ذلك، طاردت طائرتان أميركيتان من نوع كيرتس إيتش أس (Curtiss HS) الغواصة الألمانية وحاولتا استهدافها بعدد من القنابل دون أن تتمكنا من إصابتها. وأمام هذا الوضع، وجّه الألمان على متن الغواصة يو 156 المدفع الموجود على السطح نحو الجو وحاولوا إسقاط إحدى الطائرتين.
لكن لم تصب هذه القذائف أيا من الطائرتين ووقعت فيما بعد قرب مدينة أورلينس التي تحولت بسبب ذلك لأول منطقة أميركية تتعرض لقصف ألماني مباشر بالحرب العالمية الأولى.
أول قصف منذ عام 1846
مع اقتراب عدد من الزوارق الحربية من المكان، غاصت يو 156 الألمانية نحو الأعماق وغادرت المكان نحو الشمال حيث واصلت هجماتها ضد سفن الحلفاء. وخلال اليوم التالي، علّقت الصحف الأميركية عن الحادثة واصفة إياها بمعركة أورلينس وتحدثت عن إمكانية وجود قاعدة بحرية ألمانية سرية عند منطقة خليج فندي (Bay of Fundy). من ناحية أخرى، صنّفت عملية سقوط القذائف الألمانية قرب أورلينس كأول عملية قصف تتعرض لها الأراضي الأميركية من طرف أجنبي منذ العام 1846.