قصة تغيّب رئيس أميركي عن حفل التنصيب قبل 152 عاماً

خلال الساعات الماضية، أعلن الرئيس الخامس والأربعون في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب رسمياً رفضه حضور مراسم حفل تنصيب المرشح الفائز بالانتخابات الرئاسية لعام 2020، جو بايدن حيث يصر ترمب على وجود عمليات تزوير أدت لسرقة النصر منه، وفق تعبيره.

وطيلة الأشهر السابقة، تابع العالم عن كثب عبر وسائل الإعلام تراشق كل من ترمب وبايدن تهماً ارتبطت أساساً بالتهرب الضريبي وامتلاك حسابات بنكية بالصين وسوء التعامل مع جائحة كورونا وملف الطاقة. وبذلك، نما بين الرجلين نوع من أنواع العداوة أعادت للأذهان قصة عداوة شهيرة تعود لقرن ونصف جمعت بين الرئيسين الأميركيين أندرو جونسون ونظيره الفائز بالانتخابات يوليسيس غرانت.

توتر بين جونسون وغرانت

انطلق النزاع بين أندرو جونسون ويوليسيس غرانت عقب حادثة اغتيال الرئيس الجمهوري، أبراهام لنكولن يوم 14 أبريل 1865. فتزامناً مع رحيل لنكولن، استلم نائبه الديمقراطي، أندرو جونسون زمام الأمور فأصبح بذلك الرئيس السابع عشر بتاريخ الولايات المتحدة.

ومنذ البداية، شهدت العلاقة بين جونسون وقائد الجيش الأميركي، ما بين عامي 1864 و1869، يوليسيس غرانت توتراً واضحاً بسبب السياسات العنصرية لجونسون. وقد بلغ الخلاف بين الرجلين أشده بسبب وزير الحرب إدوين ستانتون حيث حاول جونسون إقالة ستانتون بسبب معارضته لسياسة الرئيس بالولايات الكونفدرالية السابقة.

إلى ذلك، لقي ستانتون دعماً من الجنرال غرانت وقد أدت عملية إقالة ستانتون لبدء الكونغرس بإجراءات سحب الثقة من الرئيس جونسون بسبب مخالفة الأخير قانون حيازة المكتب (Tenure of Office Act) الذي منع الرئيس حينها من استبدال وزرائه دون استشارة الكونغرس.

وبفضل صوت واحد بمجلس الشيوخ، نجا جونسون من العزل وحافظ على منصبه كرئيس للولايات المتحدة لحين نهاية ولايته سنة 1869.

فوز غرانت بالانتخابات

بسبب انهيار شعبية أندرو جونسون، فضّل الديمقراطيون ترشيح حاكم نيويورك السابق هوراشيو سايمور للانتخابات الرئاسية لعام 1868.

سوى أن سايمور فشل في مقارعة الجمهوري يوليسيس غرانت الذي حقق فوزاً سهلاً، عقب حصوله على 214 صوتاً بالمجمع الانتخابي مقابل 80 صوتاً فقط لسايمور، ليصبح بذلك الرئيس الثامن عشر بتاريخ الولايات المتحدة.

جونسون يرفض حضور مراسم التنصيب

وبدأت المشاكل بين كل من الرئيس الفائز غرانت والرئيس المنتهية ولايته جونسون منذ يناير 1869. فخلال تصريح تقدم به، أعلن يوليسيس غرانت أنه سيخالف المعايير المعمول بها منذ سنوات، مؤكداً رفضه القاطع ركوب نفس العربة مع جونسون للتوجه نحو الكابيتول يوم التنصيب.

ولحل هذا الخلاف، جاء المسؤولون عن مراسم حفل التنصيب بحل يرضي الطرفين يتنقل بموجه كل من غرانت وجونسون بعربات مختلفة. وبشارع بنسلفانيا، ستتجه عربة جونسون يميناً بينما تنطلق عربة غرانت يساراً.

إلى ذلك، وقع الرئيس المنتهية ولايته جونسون تحت تأثير وزير البحرية غيديون وليز حيث دعا الأخير الرئيس لعدم حضور مراسم التنصيب معتبراً تصرف غرانت إهانة بحق جونسون ومؤكداً على تخلّف رؤساء سابقين عن حفلات مراسم التنصيب.

وصباح يوم 4 مارس 1869، عقد أندرو جونسون آخر اجتماعاته بالبيت الأبيض. ومع لقائه بوزيره غيديون ويلز، قال جونسون عبارته الشهيرة: "أظن أننا سننهي عملنا هنا دون التوجه للكابيتول". في الأثناء، أثار قرار جونسون بعدم حضور مراسم التنصيب غضب العديد من الوزراء من أمثال وزير الخارجية وليام سيوارد الذي حاول مراراً ثني الرئيس المنتهية ولايته عن ذلك.

وقبل نحو نصف ساعة من منتصف يوم 4 مارس 1869، حلت عربة غرانت أمام البيت الأبيض بينما انتظرت عربة فارغة الرئيس المنتهية ولايته أندرو جونسون. وبينما انتظر الجميع خروج جونسون، فضّل الأخير البقاء بمكتبه لتوقيع بعض الوثائق رافضاً حضور مراسم أداء اليمين. وفي حدود منتصف اليوم، صافح جونسون وزراءه وشكرهم قبل أن يغادر مكتبه لآخر مرة ويتجه لاحقاً نحو ولاية تينيسي.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: