قبل 1300 عام تقريباً، أي في القرن السابع ميلادي، أو الأول هجري، ربما زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان، أو خليفته وابنه يزيد، وعلى الأرجح عهد عبد الملك بن مروان، جنحت سفينة تجارية ضخمة في منطقة بعيدة 35 كيلومترا الى الجنوب من مدينة حيفا بفلسطين القديمة، فابتلعها البحر على بعد عشرات الأمتار فقط من الساحل، لذلك أعلن علماء يوم الأحد الماضي، وبعد درسهم لحطامها منذ العثور في 2015 عليها، أن طاقمها نجا بكامله ولم يقتل منه أحد. أما المهم في البالغ طولها 25 مترا، فهي حمولتها.
كانت الحمولة وفيرة، شملت 103 جرار ضخمة، من الطراز المعروف باسم "أمفورة" ذات المقبضين، ومليئة جميعها بمعظم أنواع المنتجات الزراعية والاحتياجات اليومية للطاقم، وفقا لما ألمت به "العربية.نت" مما نقلته صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية أمس عمن درسوها، وفي تقريرها أوردت أن السفينة كان فيها عدد كبير من نقوش يونانية وعربية، وتحمل شعارات ورموز دينية، مسيحية وإسلامية، حافظت رمال الأعماق عليها طوال قرون، إلى أن عثر عليها إسرائيليان صدفة.
بعد عام من اكتشافها، تولى أمرها معهد Leon Recanati Institute for Maritime Studies للدراسات البحرية بجامعة حيفا، واستنتج مما درسه سيناريو ما كانت عليه حياة المنطقة زمن الانتقال من الحكم البيزنطي إلى الإسلامي، كما وطرق التجارة وبناء السفن، فنشر المعهد ورقتين أكاديميتين في دورية علمية للآثار، مختصة ببلاد الشام والشرق الأدنى، ولخصتهما للصحيفة عالمة الآثار بجامعة حيفا، ديبورا سفيكل، وقالت: "لم نتمكن من تحديد سبب غرق السفينة، لكننا نعتقد أنه ربما كان خطأ ملاحيا"، وفق تعبيرها.
قالت أيضا: "نحن نتحدث عن سفينة كبيرة بشكل غير عادي، تم بناؤها بعناية وحفظها بشكل جميل (..) وكانت تبحر متنقلة بين بلاد الشام" مضيفة بحسب ما تلخص "العربية.نت" أقوالها، أن الباحثين يعتقدون أن السفينة "يجب أن تكون توقفت بقبرص ومصر قبل غرقها" لكنها لم تشرح سبب هذا الاعتقاد، وعلى أي أساس استند زملاؤها الذين درسوا الحطام للتوصل إلى هذه المعلومة.
اسم الله مكتوبا بالعربية
أما ما كان في السفينة من نقوش ورموز "فكانت عبارات باليونانية والعربية على الجرار الفخارية الضخمة، كما على خشب السفينة التي لم نتمكن من معرفة ما إذا كان أفراد طاقمها مسيحيين أم مسلمين، لكننا وجدنا آثارا لكلا الديانتين، فيما تتضمن الرموز اسم الله مكتوبا بالعربية، إضافة إلى صلبان عدة"، مما قد يشير إلى أن أفراد الطاقم ربما كانوا من أتباع الديانتين في المنطقة، أو أن البضائع كانت لأسواق يرتادها مسلمون ومسيحيون.
بين المنتجات الموجودة في الجرار، تم العثور على الزيتون والتمر والتين وعظام السمك والصنوبر والعنب والزبيب "كما على عدد كبير من عظام الحيوانات على متن السفينة، ربما لأن طاقمها احتفظ بحيوانات أليفة ليتناول لحمها" وذكرت Deborah Cvikel أنه: "لم يتم العثور على أي عظم بشري" داخل الحطام أو بجواره، وأن التنقيب في موقع غرقها مستمر"لأننا بحاجة إلى فحص الجزء الخلفي للسفينة، وهو مقر القبطان"، وقد يتم التعرف إلى أمور مهمة بشأنه.