في اليومين الماضيين، جاء انفجار "بيروتشيما" يوم 4 آب/أغسطس 2020، الذي دمّر جزءاً هاماً من العاصمة اللبنانية وتسبب في مقتل 137 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من خمسة آلاف لينضم لقائمة الكوارث المدمرة التي عصفت ببيروت في القرون الماضية وألحقت بها أضراراً جسيمة وانتهت أحياناً بإزالتها من الخارطة قبل أن تعمّر وتبنى من جديد
ففي عام 140 قبل الميلاد، تعرضت بيروت للخراب والتدمير على يد الملك الهليني ديودوتس تريفون (Diodotus Tryphon) أثناء صراعه مع الملك أنطيوخوس السابع على العرش السلوقي المقدوني. وقد أعيد لاحقاً بناء هذه المدينة على الطراز الفينيقي وحملت اسم لاوديسيا (Laodicea) الفينيقية كما اتجه بعض المؤرخين لتلقيبها بلاوديسيا الكنعانية.
وعام 64 قبل الميلاد، تمكن جنود وجنرالات القائد الروماني بومبيوس من احتلال هذه المدينة التي نالت اسم بيريتوس ولقّبت أيضاً بـColonia Iulia Augusta Felix Berytus نسبة لجوليا، الابنة الوحيدة لإمبراطور روما أغسطس.
كوارث طبيعية
وإضافة للكوارث البشرية كتلك التي صنعها ديودوتس تريفون عام 140 قبل الميلاد، عصفت ببيروت العديد من الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات.
فعام 365، بلغت سواحلها موجات التسونامي التي تلت زلزال جزيرة كريت المقدرة شدته بأكثر من 8 درجات بمقياس ريختر حسب المؤرخين المعاصرين. وقد خلّف هذا الزلزال موجات تسونامي عالية بلغ ارتفاعها عشرة أمتار امتدت لتضرب خاصة السواحل الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط مخلفة أضراراً واسعة بمناطق عديدة منها.
زلزال 551
وما بين القرنين الخامس والسادس، عاشت بيروت على وقع العديد من الكوارث الطبيعية التي تراوحت أساساً بين الهزات الأرضية والفيضانات. وقد جاء أهم هذه الكوارث الطبيعية عام 551 أثناء عهد الملك البيزنطي جستنيان الأول، حيث عاشت المدينة حينها على وقع أسوأ أزماتها بسبب زلزال بلغت شدته 7.5 درجة ونال العلامة X حسب مقياس ميركالي المعدل (Mercalli intensity scale) وسبب موجات تسونامي طالت عدداً من المدن البيزنطية.
إلى ذلك، تقع مناطق لبنان الحالية إلى جانب صدع البحر الميت الذي يشكل جزءاً من الحدود بين الصفيحة التكتونية العربية والصفيحة التكتونية الإفريقية، وقد أدى ذلك على مدار قرون لظهور العديد من الانزلاقات الأرضية والزلازل خاصة عند مناطق جبل لبنان.
وحسب علماء الجيولوجيا المعاصرين والنصوص التي تعود لحقبة البيزنطيين ما بين القرنين الخامس والسادس، ضرب زلزال مدمر مناطق لبنان يوم 9 تموز/يوليو 551 فخلّف دماراً واسعاً وخرّب مدناً عدة بين صور وطرابلس، وقد كانت بيروت ضمن أكثر المدن تضرراً بفعل الكارثة. وقد تحدث الرجل المعروف بحاج بياتشنزا (Piacenza)، في مذكرات رحلته عبر مختلف المدن عن خراب بيروت وتحولها لكومة كبيرة من الحطام والحجارة ومقتل أكثر من 30 ألف شخص بهذه المدينة وحدها.
من جهة ثانية، أحس أهالي الإسكندرية ومناطق أنطاكيا، التي عانت عام 526 من ويلات زلزال مدمر راح ضحيته مئات الآلاف، وضرب الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ودمّر بيروت. وقد ولّدت هذه الكارثة موجات تسونامي امتدت نحو العديد من الأخرى.