تتميز المخرجة التونسية، كوثر بن هنية، بأنها ذات توجه خاص في أفلامها وضعها في بؤرة قوية من التميز والأهمية بأكثر من فيلم حقق نجاحاً كبيراً منها على "كف عفريت" و"بطيخ الشيخ" و"زينب تكره الثلج" وغيرها من الأفلام التي عرضت بمهرجانات عالمية وحصلت على جوائز وإشادات.
ومؤخرا عرض لكوثر بن هنية فيلم "الرجل الذي باع ظهره"، وشارك العمل في أكثر من مهرجان دولي منهم مهرجان فينسيا والجونة.
وفي حوراها مع "العربية.نت"، تحدثت كوثر عن تجربتها في السينما خاصة فيلمها الأخير وكيف جاءت الفكرة وكيف أقنعت النجمة العالمية مونيكا بيوتشي بالمشاركة في هذا العمل.
– في البداية حدثينا عن قصة فيلم الرجل الذي باع ظهره، وما الذي شجعك على هذا العمل؟ يروي الفيلم قصة سام علي، وهو شابٌ سوري حساس ومندفع، هرب من الحرب إلى لبنان. ويقع في حب فتاة اسمها عبير تتزوج وترحل إلى أوروبا، لكنه يحلم بالسفر إليها بأي طريقة ويريد الحصول على فيزا السفر بأي شكل، فيوافق أن يوشم ظهره على يد واحد من أكثر الفنانين المعاصرين شهرة وإثارة للجدل. ويعقد صفقة صعبة للغاية، فيوافق أن يتحول ظهره إلى لوحة فنان، لهذا سمي الفيلم الرجل الذي باع ظهره، لأن هذا ما حدث بالمعنى الحرفي. وبالمعنى الرمزي أيضا، فقد باع الشاب معتقداته الداخلية والشخصية.
– كيف جاءت الفكرة، وما صحة أنها واقعة حقيقية تخص الفنان البلجيكي ويم ديلفوي الذي اشتهر بوشم ظهر شخص وعرضه كلوحة فنية؟
الفكرة فعلا جاءتني عن طريق الفنان البلجيكي ويم ديلفوي، هو فنان معاصر شاهدت أعماله لأول مرة في معرض خاص في متحف اللوفر بباريس. ثم رأيت شابا يجلس في المتحف، وعلمت أن وشم ظهره ليعرض نفسه كلوحة في المعرض.
– وهل كان هناك اتفاق مع الفنان البلجيكي قبل عمل الفيلم، خاصة أنه يعبر عن جزء كبير في حياته وفنه؟
نعم، طبعا كان لابد أن يحدث اتفاق بشكل أخلاقي ومهني. ولذلك تحدثت مع الفنان ويم ديلفوي وأخبرته بأنني أريد تقديم فيلم مستوحى من أعماله، والحمد لله لم يعترض بل وافق… ورحب أيضا لدرجة أنه ظهر في مشهد قصير خلال الفيلم، وجسد شخصية موظف شركة التأمين الذي يقوم بتقييم ظهر اللاجئ السوري. كما أنه أعجب كثيرا بالوشم الذي قمنا بتصميمه خصيصا للفيلم، والمستوحى من أعماله.
– فيلم "الرجل الذي باع ظهره" شارك في مهرجان الجونة، ويقال إنه شارك في إنتاج الفيلم فهل هذا صحيح؟
نعم صحيح، فالفيلم له علاقة قديمة بالجونة حيث قمنا بالمشاركة في منصة الجونة من قبل عندما كان الفيلم مجرد مشروع سيناريو، وقد فاز في منصة الجونة وأعجب جدا المشروع لجنة التحكيم لذلك حصلنا على دعم مادي في الإنتاج، وفي مهرجان فينسيا حضر صناع من الجونة بوصفهم من المنتجين والمشاركين.
– كيف ترين عرض الفيلم في مهرجان الجونة؟
الفيلم حقق نجاحا كبيرا بين الجمهور وصناع السينما في الجونة وحصل على إشادات نقدية رائعة وحصل على جائزة أفضل فيلم، ورحب الجميع بموهبة البطل يحيي مهايني وجميع المشاركين وتلقينا استقبالا رائعا في الجونة وأيضا في فينسيا وحصلنا على جوائز رائعة.
– كيف اخترت يحيي مهايني بطل الفيلم، وهو شاب ممثل غير معروف بالنسبة للوسط الفني؟
تعبت كثيرا لاختار شخصية البطل وقمت بعمل كاستينغ كبير جدا حتى أجد ممثلا جيدا يناسب الشخصية حتى قابلت يحيي وهو ممثل جيد جدا وله تجارب في أفلام قصيرة ووثائقية وأعجبني طريقة تمثيلة ووجدته أنسب شخصية للدور. وبعد اختبارات بسيطة وجدت ممثلا عملاقا يناسب الدور وقام به أفضل مما كنت أتخيله. وحصل على جائزة في فينسيا وهو مشروع نجم كبير جدا فهو سوري يحمل الجنسية الكندية، ويجيد عدة لغات وكانت إجادة الإنجليزية مهمة جدا للعب شخصية البطل.
– وكيف جاءت مشاركة النجمة العالمية مونيكا بيلوتشي في دور ثريا وهو دور عربي، وهل وافقت بسهولة على مشاركة في سينما عربية؟مونيكا هي ممثلة محترفة وذكية وليست مجرد نجمة عالمية تهتم فقط بأن الفيلم عالمي فقط بل تهتم بالدور ونوعه بغض النظر عن جنسيته. وهي تمكنت من أول قراءة للسيناريو من استيعاب أبعاد الشخصية التي تؤديها وأحبتها جدا. ومونيكا بيلوتشي بالفعل نجمة وأيقونة للجمال، لكنها في الأساس وبعد مقابلتها والحديث معها وجدتها امرأة حساسة للغاية وذكية ورائعة..
– وهل كان لها شروط خاصة لأنها نجمة عالمية من حيث الأجر والسيناريو؟ بالعكس لم يكن لها أي شروط بل كانت بسيطة جدا وأخذت أجرا مثل كل فريق العمل. ولم تغال في الأجر وكان شرطها الوحيد أن ترى لي عملا قبل المشاركة في الفيلم. وبدأ الاتفاق، قمنا بإرسال السيناريو إلى مدير أعمالها، فقرأته ثم أكدّت على موافقتها لي مباشرة. وفي كواليس العمل فوجئت بأنها تطبق تماما ما تريده شخصية ثريا. فهي سيدة قوية وقاسية وجافة بعض الشيء ولها كبرياء يخبئ مشاعر خفية، وقد أضافت للفيلم كثيرا وفاجأتني وأدهشتني بفهم كل شيء، وليس شخصيتها فحسب بل كانت جزءا متفاعلا مع كل شيء في الفيلم.